خطبة  (الصبر على أقدار الله)

خطبة (الصبر على أقدار الله)

عنوان الخطبة: الصبر على أقدار الله

 

عناصر الخطبة:

١- الدنيا لا تخلو من المصائب.

٢- وجوب الصبر عند نزول المصائب.

٣- الأمور المعينة على الصبر.

٤- بيان ما ينافي الصبر.

 

 

الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الدُّنيَا دَارَ ابتِلَاءٍ وَامتِحَانٍ، وَأَعَدَّ لِلصَّابِرِينَ فِيهَا أَعَالِيَ الجِنَانِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى إِمَامِ الصَّابِرِينَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ، أَمّا بَعدُ:

فَاتّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ حَقَّ التَّقوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنّجْوَى: أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسلِمُونَ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

خَلَقَ اللهُ هذِهِ الدُّنيا لِلابتِلاءِ، وَجَعَلَ فِيهَا مِنَ الـمَصَاعِبِ والشَّدائِدِ مَا يُـحقّقُ هذه الحِكمَة، فَخَلَقَ الإِنسَانَ فِي كَبِدٍ، وَأَخبَرَنَا أَنَّهُ سَيَبْتَلِينَا بِالمَصَائِبِ وَالأَحزَانِ، لِيَختَبِرَ إِيمَانَنَا، وَيَبلُوَ صَبرَنَا، فقَالَ تَعَالَى: ‌وَلَنَبلُوَنَّكُم حَتَّى نَعلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنكُم وَالصَّابِرِينَ وَنَبلُوَ أَخبَارَكُم.
 

وهذَا الأَمرُ عامٌّ للبَشَر، لَم يُسْتثنَ مِنهُ أحدٌ حتى الأَنبِيَاءُ عَلَيهِمُ السَّلَامُ، بل كانَ بَلاؤُهُم على قَدرِ إِيمانِهِم، فأحسَنُوا في صَبرِهِم ورِضاهُم عن رَبِّهم، قَالَ تَعَالَى: وَإِسمَاعِيلَ وَإِدرِيسَ وَذَا الكِفلِ كُلٌّ ‌مِنَ ‌الصَّابِرِينَ، وَقَالَ إِسمَاعِيلُ عَلَيهِ السَّلَامُ: يَاأَبَتِ افْعَلْ ‌مَا ‌تُؤمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ، وَقَالَ يَعقُوبُ عَلَيهِ السَّلَامُ: ‌فَصَبرٌ جَمِيلٌ، وقَالَ سُبحانَه عن أيُّوبَ عَلَيهِ السَّلَامُ: إِنَّا ‌وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ.
 

فحُقَّ عَلى الـمُؤمِنِ الاقتِداءُ بِالأَنبِيَاءِ عَلَيهِم السَّلَامُ، فمتَى نَزَلَت بِهِ مُصِيبَةٌ صَبرَ ورضيَ بتقديرِ الله، واحتَسَب الأجرَ عِندَهُ سُبحانَه.
 

قَالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: «الصَّبرُ وَاجِبٌ بِإِجمَاعِ الأُمَّةِ، وَهُوَ نِصفُ الإِيمَانِ، فَإِنَّ الإِيمَانَ نِصفَانِ: نِصفٌ صَبرٌ وَنِصفٌ شُكرٌ. وَالصَّبرُ مِن الإِيمَانِ بِمَنزِلَةِ الرَّأسِ مِن الجَسَدِ، وَلَا إِيمَانَ لِمَن لَا صَبرَ لَهُ، كَمَا أَنَّهُ لَا جَسَدَ لِمَن لَا رَأسَ لَهُ».

أَخِي الـمُسلِم:

اعلَم أَنَّ الصَّبرَ فِي حَقِيقَتِهِ حَسنُ أَدَبٍ مَعَ اللَّهِ جَلّ جَلَالُهُ، فَهُوَ سُبحَانَهُ الحَكِيمُ فِي قَضَائِهِ، العَلِيمُ بِعِبَادِهِ، العَزِيزُ فِي مُلكِهِ، الرَّحِيمُ بِخَلقِهِ.

وليَكُنِ البَاعِثُ لَكَ عَلَى الصَّبرِ: مَحَبَّةَ اللَّهِ وَإِرَادَةَ وَجهِهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيهِ، لَا إِظهَارَ قُوَّةِ النَّفسِ، وَطَلَبَ مَدحِ الخَلقِ وَثَنَائِهِم.

وَلْيَكُن صَبرُكَ جَمِيلًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَاصْبِرْ ‌صَبرًا ‌جَمِيلًا، وَالصَّبرُ الجَمِيلُ هُوَ الَّذِي لَا جَزعَ فِيهِ وَلَا شَكوَى لِغَيرِ اللَّهِ، فَالشَّكوَى لِغَيرِ اللَّهِ ضَعفٌ فِي العَقلِ وَذُلٌّ فِي الطَّبعِ، رَأَى بَعضُهُم رَجُلًا يَشكُو إِلَى آخَرَ فَاقَةً وَضَرُورَةً، فَقَالَ: يَا هَذَا، تَشكُو مَن يَرحَمُكَ إِلَى مَن لَا يَرحَمُكَ؟ ثُمَّ أَنشَدَهُ:
 

وَإِذَا عَرَتكَ بَلِيَّةٌ فَاصبِر لَهَا
صَبرَ الكَرِيمِ فَإِنَّهُ بِكَ أَعلَمُ

 

وَإِذَا شَكَوتَ إِلَى ابنِ آدَمَ إِنَّمَا
 تَشكُو الرَّحِيمَ إِلَى الَّذِي لَا يَرحَمُ

 

 

عِبَادَ اللَّهِ:

ثَمّةَ أُمُورٌ تُعِينُ عَلَى الصَّبرِ عَلَى أَقدَارِ اللَّهِ المُؤلِمَةِ، فَمِنهَا:

أَوَّلًا: دُعَاءُ اللَّهِ وَالِاستِعَانَةُ بِهِ، فَلَا قُدرَةَ لَكَ عَلَى الصَّبرِ إِلَّا بِمَعُونَةِ اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى: وَاصبِر ‌وَمَا ‌صَبرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَاسْأَلِ اللَّهَ أَن يُعِينَكَ عَلَى الصَّبرِ، وَاعلَمْ أَنَّ أَعظَمَ مَا يُقَالُ فِي هَذَا المَوطِنِ: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخلِف لِي خَيرًا مِنهَا)، قَالَ تَعَالَى: ‌وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجُوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتهُم مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيهِم صَلَوَاتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ.

وَاستَمِعْ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهَا وَهِيَ تَحكِي قِصّتَهَا مَعَ هَذَا الدُّعَاءِ، قَالَت: «سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (مَا مِن عَبدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ. اللَّهُمَّ أْجُرنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخلِف لِي خَيرًا مِنهَا إِلَّا أَجَرَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخلَفَ لَهُ خَيرًا مِنهَا). قَالَت: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلتُ كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأَخلَفَ اللَّهُ لِي خَيرًا مِنهُ، رَسُولَ اللَّهِ ﷺ». أَخرَجَهُ مُسلِمٌ.
 

ثَانِيًا: يُعِينُكَ عَلَى الصَّبرِ: أَن تَتَذَكّرَ ثَوَابَ اللَّهِ الَّذِي أَعَدّهُ لِلصَّابِرِينَ، فَأَنتَ بِصَبرِكَ تَنَالُ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعَالَى: وَاللَّهُ ‌يُحِبُّ ‌الصَّابِرِينَ، وَتَفُوزُ بِمَعِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لَكَ بِنَصرِهِ وَتَأيِيدِهِ: إِنَّ اللَّهَ ‌مَعَ ‌الصَّابِرِينَ، وَتُوَفّى أَجرَكَ بِغَيرِ حِسَابٍ: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجرَهُم ‌بِغَيرِ ‌حِسَابٍ، وَتَكُونُ مِن المُحسِنِينَ: وَاصبِر فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ ‌أَجرَ ‌المُحسِنِينَ، وَتُكَفَّرُ عَنكَ خَطَايَاكَ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا يُصِيبُ المُسلِمَ مِن نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى ‌الشَّوكَةَ ‌يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِن خَطَايَاهُ». أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَفِي التِّرمِذِيِّ أنّه ﷺ قَال: «مَا يَزَالُ البَلَاءُ بِالمُؤمِنِ وَالمُؤمِنَةِ فِي نَفسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيهِ خَطِيئَةٌ».

 

ثَالِثًا: يُعِينُكَ عَلَى الصَّبرِ: أَن تَتَذَكّرَ ذُنُوبَكَ وَمَعَاصِيَكَ، وَتَقصِيرَكَ فِي حَقِّ اللَّهِ، وَتَعلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ إِنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ ذُنُوبِكَ، فَإِنَّهُ مَا نَزَلَ بَلَاءٌ إِلَّا بِذَنبٍ وَلَا رُفعٍ إِلَّا بِتَوبَةٍ، قَالَ تَعَالَى: وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيدِيكُم ‌وَيَعفُو ‌عَن كَثِيرٍ، وَتَعلَمَ أَنَّ ذُنُوبَكَ أَكثَرُ بِكَثِيرٍ مِن هَذَا المُصَابِ الَّذِي نَزَلَ بِكَ، قَالَ تَعَالَى: وَلَو يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ‌ظَهرِهَا مِن دَابَّةٍ. فَاجعَلِ البَلَاءَ سَبَبًا لِرُجُوعِكَ إِلَى اللَّهِ، وَالْتِجَائِكَ إِلَيهِ، وَانطرَاحِكَ بِبَابِهِ، وَتَوبَتِكَ مِن ذُنُوبِك، وَإِعَادَةِ الحُقُوقِ إِلَى أَصحَابِهَا.

 

رَابِعًا: يُعِينُكَ عَلَى الصَّبرِ: أَن تَتَذَكّرَ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيكَ المَاضِيَةَ وَالحَاضِرَةَ، فَتُدرِكَ أَنَّهَا كَثِيرَةٌ لَا تُحصَى، وَأَنَّ البَلَاءَ الَّذِي نَزَلَ بِكَ مَهْمَا كَانَ عَظِيمًا فَإِنَّهُ لَا يُقَارِبُ النِّعَمَ الَّتِي تُغَمُرُكَ مِنَ الرَّحِيمِ اللَّطِيفِ سُبحَانَهُ: وَإِن تَعُدُّوا نِعمَةَ اللَّهِ ‌لَا ‌تُحصُوهَا.

 

خَامِسًا: يُعِينُكَ عَلَى الصَّبرِ: أَن تَعلَمَ أَنَّهُ لَا يَنجُو مِن مَصَائِبِ الدُّنيَا أَحَدٌ أَبَدًا، وَلَو نَجَا مِنهَا أَحَدٌ لَنَجَا مِنهَا أَنبِيَاءُ اللَّهِ وَرُسُلُهُ، وَيَكفِيكَ فِي تَصَوّرِ ذَلِكَ قِرَاءَةُ سِيرَةِ أَكرَمِ الخَلقِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، فَقَد كَانَت حَيَاتُهُ مَلِيئَةً بِالهُمُومِ وَالمَصَائِبِ وَالأَحزَانِ فِي سَبِيلِ إِيصَالِ الدَّعوَةِ إِلَى النَّاسِ.

 

سَادِسًا: يُعِينُكَ عَلَى الصَّبرِ: أَن تَعلَمَ أَنَّ أَشَدّ النَّاسِ بَلَاءً الأَنبِيَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ، كَمَا أَخبَرَ النَّبِيُّ ﷺ، وَأَنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبدِهِ الخَيرَ عَجّلَ لَهُ العُقُوبَةَ فِي الدُّنيَا. كَمَا صَحّ عَن النَّبِيِّ ﷺ فِي سُنَنِ التِّرمِذِيِّ.

 

سَابِعًا: يُعِينُكَ عَلَى الصَّبرِ: أَن تَعلَمَ أَنَّ الصَّبرَ مِفتَاحُ الفَرَجِ، قَالَ تَعَالَى: وَلَقَد كُذِّبَت رُسُلٌ مِن قَبلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا ‌وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُم نَصرُنَا، وَقَالَ تَعَالَى: وَتَمَّت كَلِمَتُ رَبِّكَ الحُسنَى عَلَى بَنِي إِسرَائِيلَ ‌بِمَا ‌صَبَرُوا، وقال النبي ﷺ: (وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ).

 

ثَامِنًا: يُعِينُكَ عَلَى الصَّبرِ: أَن تَعلَمَ أَنّ جَزَعَكَ وَتَسخُّطَكَ لَا يُعِيدُ مَفقُودًا، وَلَا يُزِيلُ كَربًا، وَلَا يَرفَعُ هَمًّا، وَلَا يَدفَعُ قَدَرًا، بَل يَزِيدُكَ أَلَمًا وَذَنبًا، فَمِن تَمَامِ العَقلِ أَن تَصبِرَ لِتَنقَلِبَ المُصِيبَةُ فِي حَقِّكَ نِعمَةً وَخَيرًا وَثَوَابًا.

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ قَولِي هَذَا، وَأَستَغفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائِرِ المُسلِمِينَ مِن كُلِّ ذَنبٍ فَاستَغفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

 

الخطبة الثانية

الحَمدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَمَن وَالَاهُ، أَمَّا بَعدُ:

عِبَادَ اللَّهِ:

إِنَّ مِمَّا يُنَافِي الصَّبرَ: التَّسَخُّطَ عَلَى أَقدَارِ اللَّهِ، وَالتَّضَجُّرَ مِن البَلَاءِ، وَلَطمَ الخُدُودِ، وَشَقَّ الجُيُوبِ، وَالنِّيَاحَةَ، وَهَذِهِ كُلُّهَا أَفعَالٌ كَانَ يَفعَلُهَا أَهلُ الجَاهِلِيَّةِ عِندَ المَصَائِبِ، فَنَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنهَا.
 

وَإِنَّ مِن أَكبَرِ الخَسَارَةِ وَأَعظَمِ الغَبنِ أَن يَكُونَ البَلَاءُ سَبَبًا لِانتِكَاسَةِ الإِنسَانِ عَن إِيمَانِهِ، وَسُوءِ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ، فَيَخسَرَ دِينَهُ كَمَا خَسِرَ دُنيَاهُ، وَالمُسلِمُ العَاقِلُ يَستَثمِرُ المُصِيبَةَ بِالصَّبرِ، فَيَنتَفِعُ بِهَا فِي تَكفِيرِ سَيِّئَاتِهِ، وَرِفعَةِ دَرَجَاتِهِ.
 

يَقُولُ ربُّنا سُبحَانَه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا ‌وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعَالَمِين، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ.
 

اللَّهُمَّ ارزُقنَا الشُّكرَ عِندَ النِّعمَةِ، وَالصَّبرَ عِندَ المُصِيبَةِ، وَزِدنَا إِيمَانًا وَيَقِينًا، وَرِضًا وَتَسلِيمًا. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ مِنَ الخَيرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِن الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنهُ وَمَا لَمْ نَعلَمْ، وَنَسأَلُكَ الجَنَّةَ وَمَا يُقَرّبُنَا إِلَيهَا مِن قَولٍ وَعَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِن النَّارِ وَمَا يُقرّبُنَا إِلَيهَا مِن قَولٍ وَعَمَلٍ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقوَى. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

عِبَادَ اللَّهِ: اذكُرُوا اللَّهَ العَظِيمَ يَذكُرْكُم، وَاشكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُم، وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكبَرُ، وَاَللَّهُ يَعلَمُ مَا تَصنَعُونَ.
 

 

شارك المحتوى: