عنوان الخطبة: نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
عناصر الخطبة:
١- من هم الملائكة؟
٢- معنى ولاية الملائكة للمؤمنين.
٣– صور الولاية.
٤- من الإيمان بالملائكة.
الـحَمْدُ لِلَّهِ العزيز الغفور، هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وحدَهُ لا شريكَ له، ربُّ جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيل، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه وسلَّمَ التسليمَ الجزيلَ.
أمَّا بعدُ، فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التقوى، وراقبوهُ في السِّرِّ والنَّجوى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
ما أجملَ كلماتِ الطُّمَأْنينةِ، في مَواطنِ الفَزَعِ!
عندما تتنزَّلُ ملائكةُ الرَّحمةِ بالبُشْرى على أهْلِ الاستقامةِ، الذينَ آمنوا باللهِ، واستقاموا على طاعتِهِ.
قالَ تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ[فصلت: ٣٠-٣١].
نحنُ أولياؤُكم: نحن حفَظتُكُم، نحنُ أحبابُكم، نحنُ أنصارُكم، نحنُ أَعوانُكم، هكذا كُنَّا في الدُّنيا، وهكَذَا نكُونُ في الآخرةِ معَكم إلى أبوابِ الجِنان.
إنَّ الوَلايةَ بينَ الملائكةِ وأهلِ الإيمانِ في الدُّنيا والآخرةِ لا تنقطِعُ.
فمنْ هُمُ الملائكةُ؟ وما تِلكَ الوَلايةُ؟ ولماذا كانت بينَ ملائكةِ الرحمنِ وأهلِ الإيمانِ؟
الملائكَةُ خَلْقٌ نُورانيٌّ من خَلْقِ الله، قال فيهم النبي ﷺ: «خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ». صحيح مسلم (٢٩٩٦). (١)
خَلَقَهُمُ اللهُ ليكونُوا عبادًا قانتينَ، وجنودًا مُطِيعينَ، يُسبِّحونَ اللهَ لا يفتُرونَ، لا يَعصُونَ اللهَ ما أمرَهُم، ويفعَلُونَ ما يُؤمرونَ.
خلقَهم على صورةٍ عظيمةٍ، قالَ تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [فاطر: ١].
منهم مَن قد بلغَ شيئًا عظيمًا في الخَلْق، فلقدْ رأى النبيُّ ﷺ جبريلَ عليه السلام «لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ». صحيح البخاري (٣٢٣٢)، وصحيح مسلم (١٧٤). (٢)، «رآه يَنْتَثِرُ مِنْ رِيشِهِ التَّهَاوِيلُ: الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ». مسند أحمد (٤٣٩٦)، وحسنه الألباني في الإسراء والمعراج (ص١٠١). (٣)
وقالَ ﷺ: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ».سنن أبي داود (٤٧٢٧)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٥١). (٤)
أعدادُهم عظيمةٌ لا يحيطُ بها إلا الله.
يقول ﷺ: «أَطَّتِ السَّمَاءُ، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ». جامع الترمذي (٢٣١٢)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٧٢٢). (٥)
وهم معَ عظيمِ الطّاعةِ للهِ في غاية الوَجَلِ والإشفاقِ منهُ سبحانه.
قالَ تعالى: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ[النحل: ٤٩-٥٠].
أرأيتمْ جبريلَ عليه السلام، بعظيمِ خِلقته؟ يحدِّثنا النبيُّ ﷺ عنه فيقول: «مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِالْمَلَأِ الْأَعْلَى، وَجِبْرِيلُ كَالْحِلْسِ الْبَالِي (يعني الفراشَ القديم) مِنْ خَشْيَةِ اللهِ». المعجم الأوسط للطبراني (٤٦٧٩)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٢٢٨٩). (٦)
هؤلاءِ همُ الملائكة، فما سرُّ هذه المقولةِ التي يسمعُها المؤمنُ منهم عندَ الموت: ﴿نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، وما سببُ تلكَ الولاية؟
إنَّ المؤمنينَ لـمّا آمَنُوا باللهِ وأطَاعُوه، صارَ بينهُم وبينَ الملائكةِ وَلايةٌ، ومحبةٌ ونُصرةٌ، ومعونةٌ وتأييدٌ، ودعاءٌ واستغفارٌ.
المؤمنُ مَا إنْ يحبُّه الله، حتى يُـحبَّه جبريلُ وملائكةُ الرحمن.
أوَلم تسمعْ قولَ النبي ﷺ: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي الأَرْضِ». صحيح البخاري (٣٢٠٩)، وصحيح مسلم (٢٦٣٧). (٧)
تتنزَّلُ الملائكةُ بأمرِ اللهِ في الأَرض، فتكونُ مع أهلِ الإيمان، في صلوَاتِهم، في مساجِدِهم، في ذِكرِهِم لله، يصعَدُون إلى اللهِ بأعمالِ المؤمنِين، يُثنون عليهم عندَ ربِّ العالَمين.
يقولُ النبيُّ ﷺ: «لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ». صحيح مسلم (٢٧٠٠). (٨)
إنَّ مِنَ الملائكةِ مَن يَسيرُ في الطُّرُقات بحثًا عن أهلِ ذِكْر الله وطاعتِه، فمتى وجدوهم حفُّوهم بأجْنِحَتِهم.
قال ﷺ: «إِنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ»، قَالَ: «فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا» صحيح البخاري (٦٤٠٨)، وصحيح مسلم (٢٦٨٩). (٩).
وفي يومِ الجُمُعةِ يقِفونَ على أبوابِ المساجدِ يَكتبونَ الأوَّلَ فالأوَّلَ، ثم يَستمعونَ الذِّكْر.
يقولُ ﷺ: «إذَا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ وَقَفَتِ المَلاَئِكَةُ عَلَى بَابِ المَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، وَيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». صحيح البخاري (٩٢٩)، وصحيح مسلم (٨٥٠). (١٠).
وفي صبيحةِ كلِّ يومٍ تنادِي الملائكةُ على أهْلِ الأرض، تَدْعوهُمْ إلى مرضاةِ اللهِ وطاعته.
يقولُ النبيُّ ﷺ: «مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ قَطُّ إِلَّا بُعِثَ بِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ، يُسْمِعَانِ أَهْلَ الْأَرْضِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا إِلَى رَبِّكُمْ، فَإِنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى». مسند أحمد (٢١٧٢١)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٤٤٣). (١١)
يقومُ المؤمنُ لله ينصُرُ دينَه، فيبعثُ اللهُ الملائكةَ تتولّاه، تؤيِّدُه وتنصُره وتثبِّتُه.
أوَلم يبلُغْكَ نبأُ المقاتلينَ مِن الملائكةِ في غزوة بَدْر، إذ يقولُ ربُّنا الوليُّ سبحانه:إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ[الأنفال: ١٢].
يذهبُ المسلمُ إلى المسجدِ ليُؤَدِّيَ الصلاةَ، فتدعُو له الملائكةُ بالمغفرةِ والرحمةِ ما دامَ في مُصَلّاهُ طاهِرًا، تقولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ». صحيح البخاري (٤٤٥)، وصحيح مسلم (٦٤٩). (١٢).
فإنْ تَعلَّقَ قلبُ المؤمنِ بالمساجدِ حتّى صارَ مِن عُمّارها كانتِ الملائكةُ جُلَساءَهُ وأعْوانَه.
يقولُ ﷺ: «إِنَّ لِلْمَسَاجِدِ أَوْتَادًا الْمَلَائِكَةُ جُلَسَاؤُهُمْ، إِنْ غَابُوا يَفْتَقِدُونَهُمْ، وَإِنْ مَرِضُوا عَادُوهُمْ، وَإِنْ كَانُوا فِي حَاجَةٍ أَعَانُوهُمْ». مسند أحمد (٩٤٢٤)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣٤٠١). (١٣).
وإنْ عادَ المسلمُ أخاهُ المسلمَ، استغفرَ لهُ سَبعونَ ألفَ مَلَك.
يقول النبيُّ ﷺ: «إِذَا عَادَ الرَّجُلُ أَخَاهُ المُسْلِمَ، مَشَى فِي خُرَافَةِ الْجَنَّةِ (يعني جني ثمارها) حَتَّى يَجْلِسَ، فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ، فَإِنْ كَانَ غُدْوَةً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ كَانَ مَسَاءً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ». مسند أحمد (٦٢٢)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٣٦٧). (١٤).
وإذا أذنَبَ المؤمِنُ وتابَ إلى اللهِ استغفَرَ لهُ حَـمَلةُ العرشِ ومَن حولَه.
قالَ تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ[غافر: ٧].
هذه وَلاية الملائكةِ ومحبَّتُهم ونُصْرَتُهم ومعونَتهم للمؤمنين، وإنها لتظلُّ كذلكَ في الحياةِ حتى تأتيَ لحظةُ الموت، فيأتونَ المؤمنينَ يُثَبِّتونهم ويُبَشِّرونَهم قائلين: لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة.
يأتونَ بالحريرِ الأبيضِ ليُكفَّنَ فيه المؤمن، ويَصعدونَ بروحهِ الطيبةِ إلى السَّماء.
يقولُ النبيُّ ﷺ: «إِذَا حُضِرَ الْمُؤْمِنُ أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيًّا عَنْكِ إِلَى رَوْحِ اللَّهِ، وَرَيْحَانٍ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ، حَتَّى أَنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا». سنن النسائي (١٨٣٣)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٣٠٩). (١٥)
ثُمَّ يومَ القيامَة تتلقَّاهُمُ الملائكةُ بالبُشرى والسَّلام، إلى أبوابِ الجِنَان.
قالَ سُبحَانه: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ[الرعد: ٢٣-٢٤].
باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفِروهُ، إنَّه هو الغَفورُ الرّحيمُ.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ الله، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن والاهُ، وَبَعدُ:
عبادَ الله:
إنَّ الإيمانَ بالملائكةِ أحدُ أركانِ الإيمانِ الذي لا يصحُّ الإيمانُ إلا به.
قالَ تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ[البقرة: ٢٨٥].
مَن أنكرَ وجودهم أو أبغضهم أو عاداهم فقدْ كفرَ بالله رب العالمين، كما يفعلُ اليهودُ عليهم لعائنُ الله، قالَ تعالى عنهم: مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ[البقرة: ٩٨].
والملائكةُ عبادُ الله، ليسوا بناتِ الله ولا آلهةً كما قالَ المشركونَ المخرِّفون، بل هم كما وصفهم ربُّهم فقال: عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ[الأنبياء: ٢٦-٢٨].
وقالَ الله: وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران: ٨٠]
جعلَنا اللهُ وإياكم ممَّن تتلقّاهم الملائكةُ يومَ القيامةِ قائلين: سلامٌ عليكم، طبتُم فادْخُلُوها خَالِدِين.
اللهمَّ نجِّ عبادَك المستضعَفين في غزّةَ وفي كلِّ مكان، وفرِّج عن المكروبين من المؤمنين، وانصُر عبادَك الموحِّدِين على الصَّهَايِنَةِ الـمُجرمِين.
اللّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورِنا، واجعل وِلايتَنا فيمن خافَكَ واتّقاكَ واتّبعَ رِضاك.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.