خطبة (العقل في الإسلام)

خطبة (العقل في الإسلام)

عنوان الخطبة: العقل في الإسلام

 

عناصر الخطبة:

١- مكانة العقل في الإسلام.

٢- وظائف العقل.

٣- حدود العقل.

٤- موقف العقل من النقل.  

 

 

الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِالتَّفَكُّرِ فِي آيَاتِهِ، وَضَرَبَ الأَمثَالَ لِنَتَدَبَّرَ فِي بَيّنَاتِهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، أَنزَلَ القُرآنَ لِنَتَأَمَّلَ فِي عِظَاتِهِ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرسَلَهُ رَبُّهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ وَأَيّدَهُ بِمُعجِزَاتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَعَلَى أَصحَابِهِ المُقتَفِينَ لِخُطُوَاتِهِ، أَمّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ حَقَّ التَّقوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنّجوَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسلِمُونَ.
 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

لَقَد خَلَقَ اللَّهُ الإِنسَانَ أَوّلَ مَا خَلَقَهُ لَا يَعلَمُ شَيئًا، ثُمَّ أَعطَاهُ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالعَقلَ لِيَستَدِلَّ بِهَا عَلَى رَبِّهِ، فَيُؤمِنَ بِهِ، وَيَعبُدَهُ، وَيَشكُرَهُ عَلَى نِعمَتِهِ، قَالَ تَعَالَى: وَاللَّهُ ‌أَخرَجَكُمْ مِن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصَارَ وَالأَفئِدَةَ لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ.


وَإِنَّ مِن أَكبَرِ النِّعَمِ الَّتِي أَنعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى الإِنسَانِ نِعمَةَ العَقلِ، الَّتِي تَمَيّزَ بِهَا الإِنسَانُ عَن سَائِرِ الحَيَوَانَاتِ، وَلِأَجلِ هَذِهِ النِّعمَةِ الَّتِي تَمَيّزَ بِهَا الإِنسَانُ كَلّفَهُ اللَّهُ بِحَمْلِ الأَمَانَةِ، فَأَرسَلَ إِلَيهِ الرُّسُلَ، وَأَنزَلَ عَلَيهِ الكُتُبَ، وَأَظهَرَ لَهُ الآيَاتِ، وَشَرَعَ لَهُ الشَّرَائِعَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالتَّفَكّرِ فِيمَا جَاءَهُ مِن رَبِّهِ، لِيَقُودَهُ عَقلُهُ إِلَى الإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ وَالتَّقوَى، قَالَ تَعَالَى: إِنَّا أَنزَلنَاهُ قُرآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعقِلُونَ، وَقَالَ تَعَالَى:كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ.
 

عِبَادَ اللَّهِ:

لَقَد جَاءَ الإِسلَامُ بِتَكرِيمِ العَقلِ وَالدَّعوَةِ إِلَى إِعمَالِهِ، لِيَكُونَ دَلِيلًا لِصَاحِبِهِ إِلَى الإِيمَانِ، وَقَائِدًا لَهُ إِلَى الطَّاعَةِ وَالبِرِّ وَالإِحسَانِ، فَكَمْ نَقرَأُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِن مِثلِ قَولِهِ تَعَالَى: أَفَلَا تَعقِلُونَ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَومٍ يَعقِلُونَ، كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَومٍ يَعقِلُونَ، أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكرَى لِأُولِي الأَلبَابِ.
 

وَلِذَلِكَ كَانَت عُبُودِيَّةُ التَّفَكُّرِ فِي آيَاتِ اللَّهِ وَمَخلُوقَاتِهِ مِن أَعظَمِ العُبُودِيّاتِ، لِمَا تُثمِرُهُ مِن صَلَاحِ القَلبِ، وَزِيَادَةِ إِيمَانِهِ، وَتَثبِيتِ يَقِينِهِ، قَالَ تَعَالَى فِي وَصفِ حَالِ أَصحَابِ العُقُولِ السَّلِيمَةِ: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَاختِلَافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلبَابِ * الَّذِينَ يَذكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

أَيُّهَا المُؤمِنُونَ:

لَقَد بَيّنَ اللَّهُ سُبحَانَهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ لَا يَستَفِيدُ مِن آيَاتِهِ وَبَرَاهِينِهِ وَدَلَائِلِهِ وَأَمثَالِهِ إِلَّا أَصحَابُ العُقُولِ السَّلِيمَةِ الَّذِينَ لَم يَتَلَطَّخُوا بِعَصَبِيَّةٍ وَلَا هَوًى، وَلَا عِنَادٍ وَلَا استِكبَارٍ، وَإِنَّمَا يَبحَثُونَ عَنِ الحَقِّ بِتَجَرُّدٍ وَإِنصَافٍ، قَالَ تَعَالَى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَومٍ يَعقِلُونَ.

 

وَلَمَّا كَانَ البَشَرُ مُتَفَاوِتِينَ فِي مَقَادِيرِ عُقُولِهِم، وَدِقَّةِ إِدرَاكَاتِهِم، وَحُسنِ فُهُومِهِمْ نَوَّعَ اللَّهُ حُجَجَهُ وَآيَاتِهُ، حَتَّى يَفهَمَهَا أَضعَفُ النَّاسِ عَقلًا، وَيَستَوعِبَهَا أَقَلُّهُمْ فَهمًا، رَحمَةً مِنهُ سُبحَانَهُ، وَفَضلًا مِنهُ وَإِحسَانًا. فَلِذَلِكَ كَانَ كُلُّ مَنِ استَعمَلَ عَقلَهُ لِلبَحثِ عَنِ الحَقّ وَالهُدَى بِتَجَرُّدٍ وَإِنصَافٍ هَدَاهُ عَقلُهُ إِلَى الإِيمَانِ بِرَبِّ العَالَمِينَ، وَالتَّصدِيقِ بِسَيِّدِ المُرسَلِينَ، وَالإِيقَانِ بِيَومِ الدِّينِ، وَمَنِ استَكبَرَ وَعَانَدَ وَأَبَى أَنْ يَستَعمِلَ عَقلَهُ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا، وَخَسِرَ خُسرَانًا مُبِينًا.

 

وَلِأَجلِ ذَلِكَ عَاتَبَ اللَّهُ الكُفَّارَ كَثِيرًا فِي كِتَابِهِ عَلَى عَدَمِ استِعمَالِهِمْ عُقُولَهُم فِيمَا يَنفَعُهُمْ، مِن التَّفَكُّرِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى: لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكرُكُمْ أَفَلَا تَعقِلُونَ، وَالتَّفَكُّرِ فِي حَالِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ سُبحَانَهُ: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ، وَكَثِيرًا مَا يُعَاتِبُهُم اللَّهُ بِقَولِهِ: أَفَلَا تَعقِلُونَ.

 

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلكُفَّارِ بِالبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَعقِلُ شَيئًا، بَل هُمْ فِي الحَقِيقَةِ أَضَلُّ مِن البَهَائِمِ، قَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ لَهُم قُلُوبٌ لَا يَفقَهُونَ بِهَا وَلَهُم أَعيُنٌ لَا يُبصِرُونَ بِهَا وَلَهُم آذَانٌ لَا يَسمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنعَامِ بَل هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ. وَقَالَ تَعَالَى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنعِقُ بِمَا لَا يَسمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكمٌ عُميٌ فَهُمْ لَا يَعقِلُونَ، لِذَلِكَ كَانُوا شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللهِ، قَالَ تَعَالى: إِنَّ ‌شَرَّ ‌الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ البُكمُ الَّذِينَ لَا يَعقِلُونَ.

 

عِبَادَ اللَّهِ:

إِنّ المُؤمِنَ أَكمَلُ النَّاسِ عَقلًا، وَأَرقَاهُمْ تَفكِيرًا، لِأَنَّهُ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا؛ إِذْ كُلُّ مَا يَرَاهُ مِن حَولِهِ يَدُلُّهُ عَلَى رَبِّهِ، وَرَضِيَ بِالإِسلَامِ دِينًا؛ إِذْ رَأَى فِي تَشرِيعَاتِهِ التَّكَامُلَ وَالتَّوَازُنَ وَالعَدلَ الَّذِي تَستَقِيمُ بِهِ الحَيَاةُ، وَرَضِيَ بِمُحَمَّدٍ ﷺ نَبِيًّا؛ إِذْ عَلِمَ مِن حَالِهِ صِدقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَزُهدَهُ وَسُمُوَّ أَخلَاقِهِ وَتَأيِيدَ اللَّهِ لَهُ.

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ وَالسُّنّةِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِن الآيَاتِ وَالحِكمَةِ، أَقُولُ قَولِي هَذَا، وَأَستَغفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائِرِ المُسلِمِينَ مِن كُلِّ ذَنبٍ فَاستَغفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية

الحَمدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَمَن وَالَاهُ، وَبَعدُ:

عِبَادَ اللَّهِ:

لَقَد جَعَلَ اللَّهُ لِلعَقلِ حَدًّا مَحدُودًا، وَلَم يُعطِهِ إِدرَاكًا شَامِلًا لِلشَّاهِدِ وَالغَائِبِ وَالحَاضِرِ وَالمُستَقبَلِ، بَل جَعَلَهُ قَاصِرًا عَلَى المُشَاهَدَاتِ الحِسِّيّةِ الحَاضِرَةِ وَالسَّابِقَةِ، بِالفَهمِ وَالِاستِنبَاطِ مِنهَا فَحَسبُ، وَذَلِكَ لِيَعرِفَ الإِنسَانُ ضَعفَهُ وَعَجزَهُ، فَلَا يَطغَى بِعَقلِهِ كَمَا يَطغَى بِمَالِهِ وَجَاهِهِ.
 

لِذَلِكَ كَانَ مِنَ الخَطَأِ العَظِيمِ وَالسَّفَهِ الكَبِيرِ إِقحَامُ العَقلِ فِيمَا لَا يُدرِكُهُ، أَو تَحكِيمُهُ فِيمَا لَا يَستَوعِبُهُ، وَأَهَمُّ ذَلِكَ أَمرَانِ:

الأَوَّلُ: الغَيبُ المُطلَقُ، الَّذِي لَا يَعلَمُهُ أَحَدٌ مِن البَشَرِ: فَلَا دَخلَ لِلعَقلِ فِي إِدرَاكِ مَا غَابَ عَنَّا، وَمِن ذَلِكَ مَعرِفَةُ كَيفِيَّةِ ذَاتِ اللَّهِ وَكَيفِيَّاتِ صِفَاتِهِ سُبحَانَهُ، وَمَعرِفَةُ غَايَاتِ أَقدَارِ اللهِ وعِلَلِهَا، وَكَذَلِكَ مَعرِفَةُ مَا يَحصُلُ فِي المُستَقبَلِ، فَهَذِهِ أَبوَابٌ مُوصَدَةٌ أَمَامَ العَقلِ، لَا عَمَلَ لَهُ فِيهِ.
 

الثَّانِي: مُعَارَضَةُ الوَحيِ الرَّبَّانِيِّ: فَإِنَّ العَقلَ البَشَرِيَّ خَلْقٌ مِن خَلْقِ اللَّهِ، لَا يَرتَقِي إِلَى مُعَارَضَةِ شَرعِ خَالِقِهِ سُبحَانَهُ، وَلَيسَ مِن صَلَاحِيَّاتِهِ أَن يَنتَصِبَ حَكَمًا لِقَبُولِ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَو صَحَّ مِن سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، بَل غَايَتُهُ أَن يَفهَمَ شَرعَ اللَّهِ لِيُسَلِّمَ لَهُ، وَيَعمَلَ بِهِ.
 

وَاستَمِعْ إِلَى هَذِهِ النَّصِيحَةِ الجَلِيلَةِ مِن حَبرِ الأُمَّةِ وَتُرجُمَانِ القُرآنِ، عَبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا، لِمَن أَعمَلَ عَقلَهُ فِيمَا لَا مَجَالَ لِلعَقلِ فِيهِ، فَكَثُرَتْ عَلَيهِ الشُّبُهَاتُ، وَهَجَمَتْ عَلَيهِ الوَسَاوِسُ، فَقَالَ لَهُ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا: (امدُدْ بَصَرَكَ يَا ابنَ أَخِي، مَا السَّوَادُ الَّذِي تَرَى؟) قَالَ: فُلَانٌ، قَالَ: (صَدَقتَ، قَالَ: فَمَا الخَيَالُ المُسرِفُ مِن خَلفِهِ)؟ قَالَ: لَا أَدرِي، فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا: (يَا ابنَ أَخِي، فَكَمَا جَعَلَ اللَّهُ لِإِبصَارِ العُيُونِ حَدًّا مَحدُودًا مِن دُونِهَا حِجَابًا مَستُورًا، فَكَذَلِكَ جَعَلَ لِإِبصَارِ القُلُوبِ غَايَةً لَا يُجَاوِزُهَا، وَحُدُودًا لَا يَتَعَدَّاهَا). أَخرَجَهُ ابنُ بَطَّةَ فِي الإِبَانَةِ الكُبرَى.

 

اللَّهُ أَكبَرُ، قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ يَجِبُ أَن نَحفَظَهَا وَنَفهَمَهَا وَتَكُونَ نُصبَ أَعيُنِنَا جَمِيعًا: (كَمَا جَعَلَ اللَّهُ لِإِبصَارِ العُيُونِ حَدًّا مَحدُودًا مِن دُونِهَا حِجَابًا مَستُورًا، فَكَذَلِكَ جَعَلَ لِإِبصَارِ القُلُوبِ غَايَةً لَا يُجَاوِزُهَا، وَحُدُودًا لَا يَتَعَدَّاهَا).
 

فَالسَّعِيدُ مَنْ عَرَفَ بِعَقلِهِ كَمَالَ رَبِّهِ، وَاهتَدَى بِالتَّدَبُّرِ فِي آيَاتِ كَونِهِ وَشَرعِهِ إِلَى الإِيمَانِ بِوَحيِهِ، ثُمّ سَلّمَ لَهُ التَّسلِيمَ التَّامّ، وَأَذعَنَ لَهُ بِالِانقِيَادِ المُطلَقِ، وَسَكَنَ قَلبُهُ بِكَمَالِ الطُّمَأنِينَةِ، فَحَازَ الأَمَانَ وَالفَوزَ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَم يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدُونَ.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ.
 

اللَّهُمَّ ارزُقْنَا التَّفَكُّرَ فِي آيَاتِكَ، وَالتَّدَبُّرَ لِكِتَابِكَ، وَالتَّسلِيمَ لِأَحكَامِكَ، وَالرِّضَا بِقَضَائِكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ مِن الخَيرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنهُ وَمَا لَم نَعلَم، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنهُ وَمَا لَم نَعلَم، وَنَسأَلُكَ الجَنَّةَ وَمَا يُقَرّبُنَا إِلَيهَا مِن قَولٍ وَعَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا يُقرّبُنَا إِلَيهَا مِن قَولٍ وَعَمَلٍ، وَنَسأَلُكَ مِن خَيرِ مَا سَأَلَكَ مِنهُ عَبدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ ﷺ، وَنَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا عَاذَ مِنهُ عَبدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ ﷺ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيّ أَمرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقوَى. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
 

عِبَادَ الله: اُذكُرُوا الله ذِكرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلًا، وَآخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.

 

شارك المحتوى: