وقفـات مع الـزلـزال

وقفـات مع الـزلـزال


الحمد لله.. 

لله تعالى الحكمة البالغة في كلّ ما يقدّره على عباده، وإنّ من حكمته أن يري عباده الآيات العظيمة المشهودة الدالة على قدرته وقوته ليعتبروا ويتذكروا فيرجعوا ويتوبوا. 
وإنّ الزلازل التي تحدث في الأمة بين الفترة والأخرى من أعظم الآيات التي يرسلها الله تعالى تذكيرا لعباده، وتخويفا لهم قال تعالى: وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً.

وإنّما كانت هذه الزلازل تخويفا لأنّ الله تعالى عذّب بها أقواما وجعلها سببا لهلاكهم كما قال سبحانه : فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ.
قال ابن القيم رحمه الله: (فإنّه سبحانه لا يزال يُحدِث لعباده من الآيات ما يخوفهم بها ويذكّرهم بها).

والتخويف بهذه الآيات والوعيد بها يكون إذا جاهر الناس بالمعاصي وأعلنوا الفواحش، وإذا كثر فيهم الخبث وقلّ فيهم النّاصحون، فحينئذ يكون ظهور هذه الزلازل وعيدًا من الله عزّ وجل لأهل الأرض.

 وأهل الإيمان هم الذين ينتفعون بهذه الآيات وهذا التخويف، وأمّا غير المؤمنين فما تزيدهم إلا طغيانا، قال تعالى: وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ، وقال تعالى: وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً
.
فالمؤمن هو الذي ينتفع بهذه الآيات فيحمله ذلك على الرجوع إلى الله والتوبة إليه، وكثرة الاستغفار، والاعتراف بالتّقصير، ويعلم أنّ ما أصابه من آثار هذه الزلازل ففيه من الرحمة والعبرة والعظة وتكفير السيئات ما يكون له خيرا بإذن الله إذا صبر ورجع إلى الله.

جاء عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمتي هذه أمّة مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا الفتن، والزلازل، والقتل».

وإنّ ما أصاب بعض بلاد المسلمين من زلزال فيه موعظة بالغة لنا جميعا بالرجوع إلى الله والتوبة إليه والتمسك بدينه، وإنّا نسأل الله تعالى أن يخفف مصاب إخواننا، ويرحم من مات منهم، ويجعل ما أصابهم تكفيرا لهم ورفعة في الدرجات.

شارك المحتوى: