عنوان الخطبة: ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.
عناصر الخطبة:
١- الله العزيز.
٢- سبيل العزة.
٣– معنى العزة بالإسلام.
٤- أيبتغون عندهم العزة؟
الحمدُ للهِ القويِّ العزيزِ، يُعِزُّ منْ آمنَ بهِ واتَّقاهُ، ويُذِلُّ منْ كفَرَ بهِ وعصاهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، أعزَّهُ اللهُ وشرَّفَهُ، ورفعَ لهُ ذكرَهُ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ، فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التَّقوى، وراقبوهُ في السِّرِّ والنَّجوى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
عِبادَ الله:
كانَ النبيُّ ﷺ في غزوةِ بني المصطَلِقِ، ومعَهُ أصحابُهُ، فتخاصمَ غُلامانِ، أحدُهُما منَ المهاجِرينَ، والآخَرُ مِنَ الأنصارِ، حتى ضربَ المهاجريُّ الأنصاريَّ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَار! وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ! قال ذلك كلُّ واحد منهما على سبيل الاستغاثة والاستنصار بمن يَنتسِب لهم، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ»، فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وهو رأس النفاق في المدينة فَقَالَ: فَعَلُوهَا؟! أَمَا واللهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «دَعْهُ، لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ». صحيح البخاري (٤٩٠٥)، وصحيح مسلم (٢٥٨٤)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. (١)
وكانَ لهذا المنافقِ ولدٌ مؤمنٌ صالحُ الإيمانِ، يُدعى عبدَ الله، فلمَّا علمَ مقالةَ أبيهِ مضى إليهِ قائلًا: «وَاللَّهِ لاَ تَنْقَلِبُ حَتَّى تُقِرَّ أَنَّكَ الذَّلِيلُ، وَرَسُولُ اللهِ ﷺ العَزِيزُ»، فَفَعَل! سنن الترمذي (٣٣١٥)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (٢٦٤١). (٢)
وأنزل الله تعالى قوله: يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [المنافقون: ٨].
عباد الله:
إنَّ اللهَ سبحانهُ هوَ العزيزُ، ربُّ العزَّةِ، لهُ العزَّةُ جميعُها، عزَّةُ الذَّاتِ والأسماءِ والصِّفاتِ والأفعالِ.
قال تعالى: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ[الصافات: ١٨٠].
وقال سبحانه: إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا[يونس: ٦٥].
العِزَّةُ تدورُ حولَ عدَّةِ معانٍ، منها: القوَّةُ والغَلَبَةُ والمَنَعَةُ والتَّفرُّدُ، واللهُ تعالى هوَ القويُّ القديرُ، لهُ القُوَّةُ جميعًا، قال سبحانه:وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا [فاطر: ٤٤]، وهوَ سبحانهُ القهَّارُ غالبٌ على أمرِهِ، قالَ سبحانهُ: وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ[يوسف: ٢١]، وهوَ سبحانهُ لهُ الكمالُ كلُّهُ، ومِنْ كمالِهِ أنَّ لهُ المَنَعَةَ، فيمتنعُ عليهِ أيُّ سوءٍ ونقصٍ، يقولُ جلَّ جلالُهُ في الحديثِ الإلهيِّ: «يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي، فَتَنْفَعُونِي». صحيح مسلم (٢)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه. (٣)، وهوَ سبحانهُ الأحدُ ليسَ كمثلِهِ شيءٌ، لا مثيلَ ولا ندَّ ولا كُفُؤَ ولا عدلَ لهُ.
وهُوَ العَزيزُ فَلَن يُرامَ جَنَابُهُ
أنَّى يُرامُ جَنَابُ ذِي السُّلطَانِ
وهُوَ العَزيزُ القَاهِرُ الغلَّابُ لمْ
يَغلِبْهُ شَيءٌ هَذِهِ صِفَتَانِ
وهُوَ العَزيزُ بقُوَّةٍ هِيَ وَصْفُهُ
فالِعَزُّ حِينَئِذٍ ثَلاثُ مَعَانِ
وَهْيَ الَّتي كَمُلَت لَهُ سُبحَانَهُ
مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَادِمِ النُّقصَانِ
ولأنَّهُ سبحانهُ له العِزَّةُ جميعًا فإنَّ صفاتِهِ وأفعالَهُ مرتبطةٌ بعزَّتهِ، فهو العزيزُ العليمُ، عزَّتُهُ بعلمٍ، وهو العزيزُ الرَّحيمُ يرحمُ عنْ عزَّةٍ لا عنْ ذُلٍّ، وهو العزيزُ الوهَّابُ يهَبُ ما شاءَ لمنْ شاءَ عنْ عزَّةٍ لا عنْ ذُلٍّ، وهو العزيزُ الغفَّارُ يغفرُ بعزَّتهِ، وإذا أرادَ فعلَ شيءٍ لمْ يمتنعْ عليهِ ولمْ يعجِزْ عنهُ، ولمْ يلحقْهُ في أفعالِهِ نقصٌ أو سوءٌ، بلْ كلُّ أفعالِهِ منْ آثارِ كمالِهِ.
وهو سبحانه العزيزُ، وكتابُهُ كتابٌ عزيزٌ، لا يأتيهِ الباطلُ منْ بينِ يديهِ ولا منْ خلفِهِ، يمتنعُ عليهِ أيُّ عِوَجٍ أو خللٍ.
ولأنَّهُ سبحانهُ العزيزُ، والعِزَّةُ كلُّها لهُ، فإنَّهُ يُعِزُّ منْ يشاءُ ويُذِلُّ منْ يشاءُ، فالعزيزُ منْ أعزَّهُ اللهُ، والذليلُ منْ أذلَّهُ اللهُ.
قال جلّ وعلا:قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ[آل عمران: ٢٦].
وقال سبحانه: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا[فاطر: ١٠].
فمتى أرادَ اللهُ رفعَ عبدٍ أوْ أُمَّةٍ أعزَّها ورفعَ مقامَها، وإنْ أرادَ اللهُ ذُلَّ عبدٍ أوْ أُمَّةٍ أهانَها وضربَ عليها الذُّلَّ والمسكنةَ.
ألمْ يُحدِّثْنا ربُّنا عنْ بني إسرائيلَ كيفَ أنَّهُ سبحانهُ بعدما فضَّلَهُم على أهلِ زمانِهِم، بدَّلُوا نعمةَ اللهِ كفرًا فضربَ اللهُ عليهِمُ الذِّلَّةَ والمسكنةَ، كما قال سبحانه:وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ [البقرة: ٦١]!
عباد الله:
إنَّ أيَّ عبدٍ حُرٍّ شريفٍ يأبى حياةَ الذُّلِّ والضَّيمِ، وأيُّ أمَّةٍ كريمةٍ تأبى حياةَ الخزيِ والمهانةِ، فما هو سبيلُ العزِّ والكرامةِ؟
لقدْ قضى اللهُ أنَّهُ يُعِزُّ أولياءَهُ ويُذِلُّ أعداءَهُ.
كانَ مِنْ ثناءِ النبيِّ ﷺ على ربِّهِ في قُنوتِهِ: «إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ». سنن أبي داود (١٤٢٧)، من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما، وصححه الألباني في إرواء الغليل (٤٢٩). (٤)
وإنما تُنال وَلايةُ اللهِ بالإيمان، وعلى قدر حظِّكَ منه يكونُ عِزُّك.
لقد خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الشَّامِ ليتسلَّمَ مفاتيحَ بيتِ المقدِس، ومعَه جماعةٌ من أصحاب النبي ﷺ والمجاهدون، فَأَتَوْا عَلَى مَخَاضَةٍ (موضعٍ به ماء) وَعُمَرُ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ، فَنَزَلَ عَنْهَا وَخَلَعَ خُفَّيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَلَى عَاتِقِهِ، وَأَخَذَ بِزِمَامِ نَاقَتِهِ فَخَاضَ بِهَا الْمَخَاضَةَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجراح: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَنْتَ تَفْعَلُ هَذَا؟ تَخْلَعُ خُفَّيْكَ وَتَضَعُهُمَا عَلَى عَاتِقِكَ، وَتَأْخُذُ بِزِمَامِ نَاقَتِكَ، وَتَخُوضُ بِهَا الْمَخَاضَةَ؟! مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ اسْتَشْرَفُوكَ! فَقَالَ عُمَرُ: «إِنَّا كُنَّا أَذَلَّ قَوْمٍ، فَأَعَزَّنَا اللهُ بِالْإِسْلَامِ، فَمَهْمَا نَطْلُبِ الْعِزَّةَ بِغَيْرِ مَا أَعَزَّنَا اللَّهُ بِهِ أَذَلَّنَا اللهُ». المستدرك (٢٠٧)، من طريق طارق بن شهاب، والأثر صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١/١١٨) (٥)
إنه الميزان: «كُنَّا أَذَلَّ قَوْمٍ فَأَعَزَّنَا اللهُ بِالْإِسْلَامِ، فَمَهْمَا نَطْلُبُ الْعِزَّةَ بِغَيْرِ مَا أَعَزَّنَا اللَّهُ بِهِ أَذَلَّنَا اللهُ».
ما معنى أنَّ اللهَ أعزَّنا بالإسلامِ؟
أعزَّنا بالإسلامِ فَرضِيَهُ لنا دينًا ندينُ لهُ بهِ، فإنَّهُ دينُ اللهِ الحقُّ، لا يهوديَّةَ ولا نصرانيَّةَ، لا إلحادَ ولا وثنيَّةَ، لا خَلْطَ بينَهُ وبينَ دينٍ باطلٍ، إنَّما الإسلامُ عقيدةٌ ومَنهَجٌ.
يقول النبيُّ ﷺ: «لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ ذُلِّ ذَلِيلٍ، إِمَّا يُعِزُّهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَجْعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ يُذِلُّهُمْ فَيَدِينُونَ لَهَا». مسند أحمد (٢٣٨١٤)، من حديث المقداد بن الأسود، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣). (٦)
يُعِزُّنا اللهُ بالإسلامِ باستسلامِنا لأمرِهِ كلِّهِ، دونَ اعتراضٍ عليهِ أوْ انتقاءٍ منهُ، ودونَ تحريفٍ أوْ تبديلٍ لشرائعِهِ.
إنَّ بني إسرائيلَ لمَّا أخذُوا مِنْ دينِ اللهِ ما يُوافِقُ أهواءَهمْ، ضرَبَ اللهُ عليهِمُ الذُّلَّ والخزيَ في الدُّنيا والآخرةِ.
قال سبحانه: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ[البقرة: ٨٥].
إنَّنا عندما نتحاكمُ إلى شريعةِ اللهِ كلِّها، في شتّى شُؤونِ الحياةِ، ونعيشُ بمنهجِ اللهِ المنزَّلِ على رسولِهِ ﷺ، يُعِزُّنا اللهُ ولا بُدَّ، وعندما يتولَّى الإنسانُ عنْ منهجِ اللهِ ويُبارزُهُ بالتمرُّدِ عليهِ وعِصيانِهِ يُذِلُّهُ اللهُ، ومنْ يُهِنِ اللهُ فما لهُ مِنْ مُكرِمٍ.
إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ[المجادلة: ٢٠-٢١].
وقد قرر رَسُولُ اللَّهِ ﷺ القاعدةَ النبويةَ فقال: «جُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي». مسند أحمد (٥١١٤)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وصححه الألباني في تخريج أحاديث مشكلة الفقر (٢٤). (٧)
أَلا إِنَّما التَقوى هُوَ العِزُّ وَالكَرَم
وَحُبُّـكَ لِلـدُنيا هُـوَ الذُلُّ وَالعَدَم
باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفِروهُ، إنَّه هو الغَفورُ الرّحيمُ.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ الله، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن والاهُ، وبعد:
عبادَ الله:
إنَّ الكفَّارَ اتَّخذُوا مِنْ دونِ اللهِ آلهةً يعتزُّونَ بها، يرجونَ منها وبها القُوَّةَ والغِنَى والرِّفعةَ والمَنَعَةَ، إلَّا أنَّ مآلَهم إلى الخُسرانِ والذِّلَّةِ والمَهانَةِ، لأنَّ كلَّ ما تعلَّقُوا بهِ مِنْ دونِ اللهِ باطلٌ لا حقَّ فيهِ، أوهَى مِنْ بيتِ العنكبوتِ.
قال تعالى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا[مريم: ٨١-٨٢].
ألم يقف سحرةُ فرعون في مَشهد مَهيبٍ يريدون إطفاءَ نورِ الله قائلين: بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ[الشعراء: ٤٤]؟ فماذا كانت العاقبة؟ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ[الأعراف: ١١٩].
هذا الإلهُ الذي يعتزُّ بهِ أصحابُهُ قدْ يكونُ صنمًا أوْ وثنًا أوْ إنسانًا أوْ فِكرةً ومَنهجًا، يُقدِّسُهُ أصحابُهُ ويُقدِّمونهُ على اللهِ ومنهجِهِ وحُكمِهِ.
أوَلَمْ يُخبِرْنا ربُّنا سبحانهُ أنَّ المنافقينَ والَوْا أعداءَهُ منَ الكافرينَ وتعلَّقوا بذُيولِهِم طلبًا للعِزَّةِ والمَنَعَةِ، فأخزاهمُ اللهُ بنِفاقِهِم؟
قال تعالى: بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا[النساء: ١٣٨-١٣٩].
اللَّهُمَّ انصُرِ الإسلامَ وأعِزَّ المسلمينَ، وأهْلِكِ اليهودَ المجرمينَ، اللَّهُمَّ وأنزِلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونَجِّ عبادَكَ المستضعَفينَ، وارفعْ رايةَ الدِّينِ، بقُوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.
اللّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورِنا، واجعل وِلايتَنا فيمن خافَكَ واتّقاكَ واتّبعَ رِضاك.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.