عنوان الخطبة: التهجير بين صمود وخِذلان.
عناصر الخطبة:
١- شدة الابتلاء بالتهجير عن الأوطان.
٢- سيرة أهل الطغيان تهجير أهل الإيمان.
٣– خطط الشياطين في تهجير أهل فِلَسطين.
٤- الأرض يورثها الله عباده الصالحين.
الحمدُ للهِ الذي أعزَّ دينَهُ وأحبابَهُ، وأذلَّ الكفرَ وأذنابَهُ، ووعَدَ في كتابِهِ الصالحينَ بوراثةِ الأرضِ فقمعَ الشيطانَ وأحزابَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.
أمَّا بعدُ، فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التقوى، وراقبوهُ في السِّرِّ والنَّجوى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
عِبادَ الله:
في مجلسٍ من مجالسِ الطاغيةِ فرعونَ، يجلسُ فَزِعًا من دعوةِ الحقِّ التي جاءَ بها موسى عليهِ السلامُ، إنَّهُ يخشى زوالَ مُلكِهِ وسُلطانِهِ، فأرادَ أن يَستجيشَ قومَهُ معهُ على موسى وبني إسرائيلَ، فماذا يفعلُ الطاغيةُ الأثيمُ؟
خاطبَ فرعونُ تلكَ العاطفةَ المغروسةَ في نفوسِ بني آدمَ تِجاهَ أرضِهم وديارِهم، قائلًا كما قالَ اللهُ عنهُ: قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ [الشعراء: ٣٤-٣٥].
يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ، هذهِ الجملةُ صارتْ كالشرارةِ التيْ استفزَّتْ جهودهمْ تِجاهَ موسىَ ودعوتِهِ، وصارتْ أبواقُهمْ تنادي بها علىَ قومِ فرعونَ، حتىَ إنَّهمْ صاروا يقولونَ كما قالَ اللهُ عنهم: قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ[الأعراف: ١٠٩-١١٠].
ثمَّ جاءَ السحرةُ وقدِ استقرَّ ذلكَ في أنفسِهِم، فجلسوا يتشاورونَ فيما بينَهُم قائلينَ: إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى[طه: ٦٣].
أرضُ الإنسانِ التي عليها وُلِدَ، وتحتَ ظِلالِها نشأَ، وفي خيراتِها كانَ كنفُهُ، وفي أروِقتِها كانَ صِباهُ ولَعِبُهُ، فيها أهلُهُ وأرحامُهُ، وأقارِبُهُ وجيرانُهُ، بينَهم يشعرُ بالسَّكينةِ والاطمئنانِ، وعليها يُقيمُ دينَهُ ويعبُدُ ربَّهُ في أمانٍ، فينتمي إليها فِطرةً وطبعًا، ويعِزُّ عليهِ تركُها والانتقالُ عنها.
إنَّ تهجيرَ الإنسانِ من وطنِهِ وإبعادَهِ عن أرضِهِ دونَ حقٍّ، عظيمٌ على النفوسِ؛ وهوَ أخو القتلِ ضررًا وأذى، لذا قرنَ اللهُ بينهما فقال سبحانه: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ[النساء: ٦٦].
والقارئُ للقرآنِ والتاريخِ يرى كيفَ كانَ إخراجُ الرُّسُلِ وأهلِ الإيمانِ من بلادِهِم وديارِهِم إحدى وسائلِ المجرمينَ أهلِ الطغيانِ على مدارِ الزمانِ.
قال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ[إبراهيم: ١٣].
هكذا المساومةُ، الطَّردُ والتهجيرُ، أو الذَّوبانُ في الباطلِ والموافقةُ معَ الإذعانِ.
لقد قامَ شعيبٌ في قومِهِ بالتوحيدِ والإيمانِ، نهاهُم عنِ الفسادِ والتَّطفيفِ في الميزانِ، فقامَ الملأُ منْ قومِ شعيبٍ يُهدِّدونَهُ بالإخراجِ والتهجيرِ قائلين: لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا[الأعراف: ٨٨].
وها هوَ لوطٌ ينهى قومَهُ أهلَ الخبائثِ عنِ الفواحشِ، فقاموا يتوعَّدونَهُ بالتَّهجيرِ والإخراجِ قائلينَ: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ[الشعراء: ١٦٧].
وهذا نبينا الكريمُ ﷺ، سمعَ أوَّلَ ما سمعَ لمَّا نزلَ عليهِ الوحيُ، أخبرَهُ ورقةُ بنُ نَوفلٍ بسيرةِ أهلِ الإجرامِ على مدارِ الزمانِ، قائلًا: "يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ»، قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ". صحيح البخاري سنن أبي داود (٤٩١٨)، من حديث أبي هريرة، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٩٢٦) (٣)، من حديث عائشة (١).
لقد مكروا ووضعوا خُطَّةً ثلاثيَّةً، قصَّها اللهُ علينا في كتابِهِ فقال: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ [الأنفال: ٣٠].
إمَّا الحبسُ، وإمَّا القتلُ، وإمَّا الإخراجُ والتَّهجيرُ.
ردَّ اللهُ كيدَهُم فلم يستطيعوا حَبْسهُ ولا قَتْلَهُ، لكنَّهُم أخرجوهُ وأصحابَهُ من بلدهِ، التي هي أحبُّ البلادِ إلى اللهِ وإليهِ، حتى إنَّهُ وقفَ على تلٍّ بأسفلِ مكةَ قائلًا: «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ، وَلَوْلا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ». جامع الترمذي (٣٩٢٥)، من حديث عبد الله بن عدي، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (٣٠٨٢) (٢)
عبادَ الله:
إنَّ تهجيرَ الكفارِ للمؤمنينَ من أرضِهِم كانَ ولا يزالُ، ومن ذلكَ ما فعلَهُ ويفعلُهُ اليهودُ والصَّهاينةُ بتآمرٍ صليبيٍّ على المسلمينَ في أرضِ الإسلامِ، أرضِ فِلَسطينَ.
منذُ ما يقرُبُ من ثمانينَ عامًا قامتْ عصاباتُ اليهودِ بالعُدوانِ على المسلمينَ في أرضِ فِلَسطينَ، فأثْخَنوا فيهِم بالمذابحِ والقتلِ والتَّشريدِ، حتى هجَّروا منهُم مئاتِ الآلافِ بقوَّةِ الإرهابِ والسِّلاحِ، وجاءَ شُذَّاذُ الآفاقِ من أقطارِ الدُّنيا يبحثُون عنْ وطنٍ لقيطٍ ليسَ لهُم فيهِ نسَبٌ، فإنَّ الأرضَ المقدَّسةَ لأهلِ الإيمانِ وليستْ للمُحرِّفينَ قتلةِ الأنبياءِ.
قامتِ المؤامرةُ ولم تنتهِ، تعاونٌ بينَ اليهودِ والصليبيينَ وغيرِهِم منْ أعداءِ المسلمينَ، في حَربِ إبادةٍ على شَعبٍ أعزلَ، ليسَ لهُ ذَنْبٌ إلَّا أنَّهُ يَدينُ بالإسلامِ ويبتغي تحريرَ أرضِهِ منْ محتلٍّ كافرٍ، فقتلوا منهُم عَشَراتِ الآلافِ، يمكرُونَ ليلَ نهارَ لطردِهِم منْ أرضِهِم وتشريدِهِم في أقطارِ الدنيا.
عبادَ اللهِ:
إنَّنا نُخاطبُ بخطابِ القرآنِ أهلَ الطغيانِ، منَ اليهودِ وأعوانِهِم عُبّادِ الصُّلبانِ: أنْ أَبشروا بغضبِ العزيزِ ذي الانتقامِ!
إنَّ فرعونَ طغى وتجبَّرَ، لكنَّهُ لمَّا ازدادَ طُغيانَهُ فأرادَ تَهجيرَ المستضعفينَ أهلكَهُ اللهُ.
قال سبحانه: فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا[الإسراء: ١٠٣].
والمجرمونَ منْ أئمَّةِ الكُفرِ في مكَّةَ لمَّا أخرجوا النبيَّ ﷺ منها عجَّلَ اللهُ بهلاكِهِم، يقول جلّ وعلا: وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا[الإسراء: ٧٦].
إنَّ المسلمَ عزيزٌ منتصرٌ باللهِ، لا يرضى أنْ يُعتدى على دينِهِ أو عِرضِهِ، أو أهلِهِ، أو أرضِهِ!
ألمْ يقفْ أولئكَ الملأُ منْ بني إسرائيلَ أمامَ نبيِّهِم يُريدونَ منهُ مَلِكًا قائدًا يُقاتلونَ معهُ في سبيلِ اللهِ، فلمَّا خَشِيَ جُبْنَهُم قال:هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا[البقرة: ٢٤٦].
لقدْ عدا عليهمْ أعداؤُهُم، فأخذوا بعضًا منْ ديارِهِم، وسَبَوا أولادَهُم، فأيُّ شيءٍ يَرُدُّ المسلمَ الأبيَّ بعدَ ذلكَ عنِ الدِّفاعِ عنْ دينِهِ وأهلِهِ؟
إنَّ تهجيرَ المؤمنينَ جريمةٌ شنيعةٌ، وإنَّ المعاونَ عليها شريكٌ فيها، فالذي يُخرِجُ المؤمنينَ والذي يُظاهرُ أو يُعاونُ على إخراجِهِم سِيَّانِ في الحُكمِ والإجرامِ، كما قرنَ سبحانهُ بينَ الجُرمينِ فقال: إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[الممتحنة: ٩].
فكلُّ منْ ظاهرَ وأعانَ وأيَّدَ اليهودَ في تهجيرِ المسلمينَ عنْ أرضِهِم، فهو مجرمٌ عدوٌّ للإسلامِ والمسلمينَ.
إخوة الإسلام:
إنَّ الواجبَ على كلِّ مسلمٍ أنْ يُوالي أهلَ الإسلامِ أينما كانوا، فكيفَ إذا كانوا في الأرضِ المباركةِ، يُقاتلونَ ألدَّ أعداءِ اللهِ ورسولِهِ والمؤمنينَ؟
إنَّ إخوانَكم في مَقتلةٍ عظيمةٍ، ومَذبحةٍ مُريعةٍ، ومَسغبةٍ مُميتةٍ، فمنْ لهُم إنْ تخلَّى عنهُم إخوانُهُم في الدِّينِ؟
يقول ربُّنا سبحانه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[الحجرات: ١٠].
ويقول النبيُّ ﷺ: «الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِه». سنن أبي داود (٤٩١٨)، من حديث أبي هريرة، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٩٢٦) (٣)
المسلمُ لا يتخلَّى عنْ إخوانِهِ منَ المسلمينَ، ولا يخذُلُهُم إنِ استنصرُوهُ، وهُم واللهِ بُحَّتْ أصواتُ استغاثاتِهِم! فهلْ منْ مُجيبٍ؟
يقول النبيُّ ﷺ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ». صحيح مسلم (٢٥٦٤)، من حديث أبي هريرة (٤)
باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفِروهُ، إنَّه هو الغَفورُ الرّحيمُ.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ الله، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن والاهُ، وبعد:
فإلى الصَّامدينَ الصَّابرينَ مِنْ أهلِ الإيمانِ في وجوهِ غَطْرسةِ أهلِ الطغيانِ:
يا منْ شُرِّدتُم في أصقاعِ الأرضِ بغيرِ حقٍّ، لمْ تكُنْ لكمْ جَريرَةٌ عندَهُمْ إلَّا أنَّكُمْ قُلْتُمْ ربُّنا اللهُ ودينُنا الإسلامُ، لا تيأسُوا ولا تحزنُوا وأبشِرُوا، فإنَّ اللهَ وعدَ الذينَ أُخرجُوا منْ ديارِهِمْ لأجلِ اللهِ أنْ ينصُرَهُمْ إنْ همْ نصرُوا دينَهُ وأقامُوا شَرعَهُ.
قال الله: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ[الحج: ٣٩-٤١].
ووعدَهم بجنّاتٍ عرضُها الأرض والسماوات، فقال سبحانه: فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ * لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ[آل عمران: ١٩٥ - ١٩٧].
إنّ الـمُلكَ لله، والأرضَ لله، يورثُها من يشاءُ من عباده، وقدْ كتبَ سبحانهُ وَوَعد، ووعْدُهُ لا يَتخلَّفُ، فقال: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ[الأنبياء: ١٠٥].
اللَّهُمَّ انصُرِ الإسلامَ وأعِزَّ المسلمينَ، وأهْلِكِ اليهودَ المجرمينَ، اللَّهُمَّ وأنزِلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونَجِّ عبادَكَ المستضعَفينَ، وارفعْ رايةَ الدِّينِ، بقُوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.
اللّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورِنا، واجعل وِلايتَنا فيمن خافَكَ واتّقاكَ واتّبعَ رِضاك.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.