عنوان الخطبة: إنني براء مما تعبدون.
عناصر الخطبة:
١- البراءة من الكفر منهج الأنبياء.
٢- معنى البراءة من الكفر.
٣- منارات البراءة من الكفر والباطل.
٤- الأسوة الحسنة في خليل الرحمن.
الحمدُ للهِ الحق المبين، يقذفُ بالحقِّ على الباطلِ فيدمغُهُ فإذا هو زاهق، يُحقُ الحقَّ ويُبطلُ الباطلَ ولو كرهَ المجرمون، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، شهادةَ مُقرٍّ بالوَحدانية، بريءٍ من الشركِ والكفرِ واللّادينيةِ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، أرسلهُ اللهُ بالهدى ودينِ الحقِّ ليُظهرَهُ على الدينِ كلِّهِ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ، فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التقوى، وراقبوهُ في السرِّ والنجوى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
عِبادَ الله:
يذكرُ عبدُ الله بنُ عمرِو بنِ العاصِ رضي الله عنهما، أنّ أشرافَ قريشٍ اجتمعوا يَوْمًا فِي الْحِجْرِ فَذَكَرُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَبَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ، سَفَّهَ أَحْلَامَنَا، وَشَتَمَ آبَاءَنَا، وَعَابَ دِينَنَا، وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَسَبَّ آلِهَتَنَا، لَقَدْ صَبَرْنَا مِنْهُ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ! وفي ذاتِ يوم طَلَعَ عليهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَوَثَبُوا إِلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَأَحَاطُوا بِهِ، يَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ كَذَا وَكَذَا؟! لِمَا كَانَ يَبْلُغُهُمْ عَنْهُ مِنْ عَيْبِ آلِهَتِهِمْ وَدِينِهِمْ، فقال لهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «نَعَمْ، أَنَا الَّذِي أَقُولُ ذَلِكَ». مسند أحمد (٧٠٣٦)، وحسنه الألباني في صحيح السيرة النبوية (ص١٤٨). (١)
هكذا يعلّمنا نبينا ﷺ توحيدَ الله، يعلمنا إياهُ قولًا وعملًا.
إنه يُعلنها غايةً في الوضوحِ بلا مُداهنةٍ وبلا خوف: نعم، أنا الذي أقولُ ذلك!
عِبادَ الله:
إنَّ كلمةَ التوحيدِ كلمةٌ ذاتُ ركنين، هما: الإيمانُ بالله وحدَه لا شريك له، والبراءةُ من الكفرِ والشركِ وأهله.
يقولُ اللهُ تبارك وتعالى: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[البقرة: ٢٥٦].
وذاكُم هو المنهجُ الذي بعثَ اللهُ بهِ رُسُلَه الكِرام، فقال سبحانه: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل: ٣٦].
ولقد قامَ به جميعُ الأنبياءِ والمرسلين، وأعلَنُوهُ بوضوحٍ دونَ تدليسٍ أو تلبيس.
قامَ به خليلُ الرحمنِ إبراهيمُ عليه السلام، كما قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الزخرف: ٢٦-٢٨].
وقامَ به هودٌ عليه السلام، مُعلِنًا لهم بعدَما هدَّدُوه قائلًا: إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ[هود: ٥٤-٥٥].
وأمرَ اللهُ به نبيَّه محمدًا ﷺ، فقال له: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ [الأنعام: ١٩].
هكذا أعلنها أنبياءُ اللهِ ورسلُه: إنني بريءٌ مما تشركونَ.
فما معنى البراءةِ من الكفرِ والشركِ؟
البراءةُ تعني البُغضَ والتَّنزُّهَ والتباعُدَ، والمفاصَلةَ والمنابذةَ والمعاداةَ، للكفرِ والشركِ والباطلِ، بكلِّ صورهِ وأشكالهِ، سواءٌ كان صنمًا أو وثَنًا أو فكرًا أو منهجًا يخالفُ الحقَّ الذي جاءَ عن اللهِ ورسولِهِ ﷺ.
إنهُ عملٌ من أعمالِ القلوبِ، يَنبُعُ من الإيمانِ باللهِ، ويَظهرُ أثرُهُ على اللسانِ والجوارحِ، فترى المؤمنَ الذي آمنَ باللهِ وحدَهُ وأحبَّهُ وانقادَ لهُ عبوديةً وطاعةً وخضوعًا تراهُ -لِزامًا كذلك- مُبغِضًا مُعادِيًا لكلِّ المللِ الباطلةِ والمناهجِ المنحرفةِ، مُعلنًا التبرُّؤَ منها جميعًا، مُنكرًا بلسانِهِ، مُبيِّنًا كفرَها وضلالَها، نائيًا بجوارحِهِ عنها وعن أصحابِها وأفعالِهم.
إن البراءةَ من الشركِ والكفرِ والمللِ الباطلةِ والمناهجِ المنحرفةِ لها علاماتٌ ومناراتٌ لا تتِمُّ إلا بها:
أولًا: اعتقادُ بُطلانها، والكفرُ بها، فإنَّ النبي ﷺ قال: «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مَنْ دُونِ اللهِ، حَرُمَ مَالُهُ، وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ». رواه مسلم([٢]).
ثانيًا: البغضُ والكراهيةُ لها، فلا تجدُ مؤمنًا باللهِ في قلبِهِ مودةٌ ومحبةٌ لطاغوتٍ يُعبَدُ من دونِ اللهِ، أو لملةٍ كفريةٍ أو منهجٍ منحرفٍ، فإن إيمانَهُ باللهِ إلهًا واحدًا لا شريكَ لهُ يستلزمُ محبتَهُ وتعظيمَهُ والغَيْرةَ لهُ، ومحبةَ دينِهِ وشَرعِهِ، والحبَّ فيهِ ولأجلِهِ، ويستلزمُ كذلك بُغضَ كلِّ معبودٍ باطلٍ، وكراهِيَةَ كُلِّ ما يناقضُ تعظيمَ اللهِ وتوحيدَهُ، وينافي تصديقَ خَبرِهِ والإيمانَ بوحيِهِ، من المِللِ والنِّحَلِ والأفكارِ والمناهجِ، بل إنَّ المؤمنَ لأَن يُلقى في النارِ أحبُّ إليهِ من أن يكونَ على ملَّةٍ أو ضلالةٍ أو انحرافٍ يخالفُ الوحيَ المعصومَ.
يقولُ النبي ﷺ: «لاَ يَجِدُ أَحَدٌ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَحَتَّى أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ، وَحَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا». صحيح البخاري (٦٠٤١)، وصحيح مسلم (٤٣). (٣).
ويقولُ النبي ﷺ: «مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ، وَأَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَنْكَحَ لِلَّهِ، فَقَدْ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ». جامع الترمذي (٢٥٢١)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٣٠٢٨). (٤)
ثالثًا: اجتنابها واعتزالها، فلا يشهدُ المؤمنُ مشهدًا ولا يقفُ موقفًا تُنقَضُ فيه عُرى التوحيد، أو يُكْفَرُ فيه بالله، أو يُذكَرُ فيه الطاغوتُ بالثناءِ والتمجيد.
هذا إبراهيمُ عليه السلام يقولُ لقومه: وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا [مريم: ٤٨].
وهؤلاءِ الفتيةُ أصحابُ الكهف، يُوصِي بعضُهم بعضًا قائلين: وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا [الكهف: ١٦].
رابعًا: الإعلانُ بوضوحٍ بُطلانَ كُلِّ ملَّةٍ تُناقِضُ ملَّة التَّوحيد، والبراءَةَ من كُلِّ صنَمٍ أو وثَنٍ أو ضلالَةٍ أو فكرةٍ تُصادمُ دينَ الحق، أو تُعارضُ الوحيَ المعصوم.
لقد جاءَ صناديدُ قريشٍ إلى النبيِ ﷺ، ووعدوهُ أن يُعطوهُ مالًا، فيكونَ أغنى رجلٍ بمكةَ، ويُزوِّجوهُ ما أرادَ من النساءِ، ويَطَؤوا عَقِبَهُ ويسيروا خلفَهُ، فقالوا لهُ: هذا لكَ عندَنا يا محمد، وكُفَّ عن شتمِ آلهتِنا، فلا تذكُرْها بسُوءٍ، فإن لم تفعلْ، فإنا نعرضُ عليكَ خَصلةً واحدةً، فهيَ لكَ ولنا فيها صلاحٌ. قالَ: «ما هي؟» قالوا: تعبدُ آلهتَنا سنةً: اللاتَ والعزى، ونعبدُ إلهَكَ سنةً، فأنزلَ اللهُ تلكَ السورةَ العظيمةَ سورةَ الكافرونَ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون: ١-٦]. تفسير الطبري (٢٤/٧٠٣)، وحسنه الألباني في صحيح السيرة النبوية (ص٢٠٧). (٥)
لقد أرادَ المشركونَ من نبيِّنا ﷺ صورةً لما يُسمَّى بالتَّسامحِ الدينيِّ، الذي ما هو إلا نوعٌ من التداخلِ والخلطِ بين الحقِّ والباطلِ، وذَوَبانِ الفروقِ والحدودِ بين العقيدةِ في اللهِ والعقيدةِ في الشركاءِ والأندادِ، فجاءَ الجوابُ من السَّماءِ حاسِمًا لا مريةَ فيهِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ"!
إعلانٌ واضحٌ، يسمي الأشياءَ بأسمائِها، دون زخرفةٍ أو تنميقٍ، فالناسُ قسمانِ، مؤمنٌ وكافرٌ، فمن لم يُؤمِنْ باللهِ ورسلِهِ -وآخرُهُم نبيُّنا محمدٌ ﷺ- وسائرِ أركانِ الإيمانِ، ويلتزِمْ أحكامَ الإسلامِ، ويقبلْ به دينًا وشريعةً، فهو من الكافرينَ.
ثم وضوحٌ في المنهجِ والطريقِ، أنَّ المؤمنَ لا يَعبُدُ إلا اللهَ، ولا يدينُ إلا بالتوحيدِ الذي هو حقُّ اللهِ على العبيدِ، ولا يدينُ بأيِّ دينٍ باطلٍ مما أحدثَهُ الناسُ من المللِ والأديانِ المنحرفةِ، وأنَّ كلَّ دينٍ انتسبَ إلى اللهِ غيرَ الإسلامِ فليسَ بدينِ الحقِّ إنما هي أديانٌ باطلةٌ، يجبُ البراءةُ منها وبُغضُها ومعاداتُها وتبيينُ زيفِها وضلالِها، فما أعظمَ هذه المفاصلةَ والتباعُدَ بين المسلَكينِ: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ، أيْ أنتم في طريقٍ وأنا في طريقٍ آخر!
إنها سُورةُ الإخلاصِ الثانية، التي وصَّى النبيُ ﷺ بعضَ أصحابهِ أن يقرأها إذا أوى إلى فراشِه، قائلًا: «اقْرَأْ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ». جامع الترمذي (٣٤٠٣)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (٢٧٠٩). (٦)
إننا اليومَ نرى مِللًا كُفريةً من اليهوديةِ والنصرانيةِ والبوذيةِ والهندوسيةِ والإلحادِ واللادينيةِ وما أسمَوهُ زورًا الدينَ الإبراهيميَ الجديدَ، ومناهجَ باطلةً تنقُضُ أصلَ الدينِ وأحكامَهُ، كالقبوريةِ والعَلمانيةِ والاشتراكيةِ والرأسماليةِ والديمقراطيةِ والليبراليةِ والحداثةِ والتنويرِ والنِّسْويةِ والإباحيةِ، كلٌّ منها لهُ سَدنةٌ وكَهنةٌ يقومونَ عليها، أرادَ المنافقونَ من المسلمينَ التماهيَ معها، وقَبولَها، والإقرارَ بصحتِها، أو -على الأقلِّ- ادِّعاءَ أنها تحتملُ الصوابَ، وربما رضيَ بعضُهم بالسكوتِ عنها تحتَ مسمى تقارُبِ الأديانِ، وحِوارِ الحضاراتِ، والتعايشِ مع الآخرِ، كلُّ هذا لَبْسٌ للحقِّ بالباطلِ، بل طَمسٌ لنورِهِ، واللهُ متمُّ نوره ولو كرهَ الكافرونَ.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
عِبادَ الله:
إنَّ اللهَ تعالى جعلَ لنا الأُسوةَ الحسنةَ في إبراهيمَ عليهِ السلام والذينَ معه، فقالَ سبحانه: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [الممتحنة: ٤].
البراءةُ من الكفرِ والشركِ والضلالِ وسائرِ المللِ والنِّحَلِ المنحرفة، وأهلها، هذا سبيلُ الحقِّ الذي أمرَنا اللهُ باتِّباعه، الذي كان عليه جميعُ الأنبياءِ والمرسلين.
وقد وعدَ اللهُ أولياءَهُ الذينَ قاموا بذلك بالغلبةِ والنصرِ والتمكين، فقالَ سبحانه: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ[المائدة: ٥٥-٥٦].
اللهم أصْلِحْ لنا ديننا الذي هو عِصْمَةُ أَمرنا، وأصْلِحْ لنا دنيانا التي فيها مَعَاشُنا، وأصلحْ لنا آخرتنا التي فيها مَعَادُنا، اللهم لاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا.
اللهم إنا نسألك الثبات على الإسلام والتوحيد والسُّنّة حتى نلقاك.
اللهم انصُر عبادَك المستضعفين، ودمِّر اليهودَ المجرمين، ونجِّ برحماتك عبادَك المستضعَفين.
اللّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِح أئمّتَنا وُولاةَ أمورِنا، واجعل وِلايتَنا فيمن خافَكَ واتّقاكَ واتّبعَ رِضاك.
عِبَادَ الله: اذكرُوا اللهَ ذِكرًا كثيرًا، وسبِّحوهُ بُكرةً وأصيلًا، وآخرُ دَعوانا أَنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.