عنوان الخطبة: حسبك الله.
عناصر الخطبة:
١- (حسبنا الله ونعم الوكيل) كلمة المؤمنين.
٢- معنى (حسبنا الله ونعم الوكيل)
٣- لماذا الكفاية بالله؟
٤- كيف السبيل إليها؟
الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَمَّنَ أَوْلِيَاءَهُ بِعِزَّتِهِ وَرَحْمَتِه، وَأَلْقَى الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَاءِهِ بِعَدْلِهِ وَقُوَّتِه، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةَ مُصَدِّقٍ بِوَعْدِهِ وَرَاجٍ لِجَنَّتِه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ المُقِيمُ لِدِينِهِ وَالقَائِمُ بِحُجّتِه، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ لِسُنَّتِه، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْد:
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ الله، وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ اتَّقَاهُ وَقَاهُ السُّوءَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة، وَجَعَلَ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا.
إِخْوَةَ الإِسْلَام:
قَصَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْنَا قِصَصَ الأَوَّلِين، وَجَعَلَ فِي ذَلِكَ عِبْرَةً لِلْمُتَّعِظِين، فَكَانَ مِنْ حِكْمَةِ ذَلِكَ تَثْبِيتُ أَفْئِدَةِ المُؤْمِنِين، قَالَ اللهُ سُبْحَانَه: وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ.
فَهَذَا إِبْرَاهِيمُ الخَلِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- كَانَ أُمَّةً وَحْدَه، أُمَّةً فِي الإِيمَانِ وَاليَقِين، وَأُمَّةً فِي الصَّبْرِ وَالثَّبَات، وَأُمَّةً فِي كُلِّ خَيْرٍ وَفَضْل، فَهُوَ الَّذِي حَطَّمَ أَبَاطِيلَ الكُفَّارِ بِحُجَجِه، وَأَصْنَامَهَمْ بِيَدِه، وَصَدَعَ فِيهِمْ بِقَوْلِه: وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ.
ثمَّ ضَاقَ الأَمْرُ بِخَليلِ الرَّحْمَن، وَفَقَدَ مِنَ الخَلْقِ النَّصِيرَ المِعْوَان، وَتَوَعَّدَهُ قَوْمُهُ الإِحْرَاقَ بِالنِّيرَان، فَلمَّا جَاءَ المَوْعِدُ لِتَنْفِيذِ القَرَار، قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ.
وعِنْدَمَا رَأَى الخَلِيلُ ذَلِكَ قَال: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَجَاءَ الأَمْرُ مِنَ السَّمَاء، كَمَا قَالَ تَعَالَى: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ.
فَنَجَّى اللهُ خَلِيلَهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَلَمْ يُخَيّبْ رَجَاءَه، وَانْقَلَبَتِ النَّارُ بَرْدًا وَسَلَامًا.
حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، إِنَّهَا الكَلِمَةُ نَفْسُهَا الَّتِي قَالَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُد.
جَاءَ فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَال: ﴿حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ﴾ قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّار، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ ﷺ حِينَ قَالَوا: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ.
عِبَادَ الله:
حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ كَلِمَةٌ لَهَا مَعْنًى عَظِيمٌ وَدَلَالَةٌ كَبِيرَة، فَبِهَا تُسْتَجْلَبُ الخَيْرَات، وَتُدْفَعُ النِّقَمُ وَالمَكْرُوهَات، إِنَّهَا الِالتِجَاءُ الصَّادِقُ إِلَى الله، وَتَحْقِيقُ الِاسْتِعَانَةِ بِه، وَطَلَبُ الكِفَايَةِ مِنْه، وَهِيَ مَفْزَعُ أَهْلِ الإِيمَان، عِنْدَ تَسَلُّطِ أَهْلِ الطُّغْيَان.
قَالَ بَعْضُ السَّلَف: عَجِبْتُ لِمَنِ ابْتُلِيَ بِخَوْفٍ كَيْفَ يَغْفُلُ عَنْ قَوْل: «حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ»، وَاللهُ يَقُولُ بَعْدَهَا: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ!
فَـ(حَسْبُنَا اللهُ) أَي: كَافِيِنَا الله، وَاسْتَغْنَيْنَا بِكِفَايَتِهِ عَنْ كُلِّ مَنْ سِوَاه، وَ(نِعْمَ الوَكِيلُ) أَيْ نِعْمَ مَنْ فَوَّضْنَا أَمْرَنَا إِلَيْه، وَنِعْمَ مَنْ وَثِقْنَا فِي رَحْمَتِهِ وَتَأْيِيدِهِ وَاعْتَمَدْنَا عَلَيْه، فَاللهُ هُوَ الكَافِي، الَّذِي إِنْ كَانَ مَعَكَ كَفَاك، فَلَمَ تَحْتَجْ إِلَى مَنْ سِوَاهُ.
وَقَدْ قَالَهَا اللهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَأَصْحَابِه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، أَي: اللهُ كَافِيكَ وَكَافِي أَتْبَاعِكَ المُؤْمِنِين.
كَيْفَ لَا، وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ وَنَصِيرُهُمْ؟
هَذَا غُلَامُ أَصْحَابِ الأُخْدُودِ أَحَاطَ بِهِ جُنُودُ المَلِكِ لِيَقْتُلُوه، فَقَال: «اللهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ» فَكَفَاهُ اللهُ وَنَجَّاه، فَلَمَّا رَآهُ المَلِكُ سَأَلَهُ عَنِ الجُنُودِ فَقَال: «كَفَانِيهِمُ اللهُ» أَخْرَجَهُ مُسْلِم.
وَلَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ مُهَاجِرًا، وَأَدْرَكَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَه، بَكَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- خَوْفًا عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ»، فَسَاخَتْ قَوَائِمُ فَرَسِهِ إِلَى بَطْنِهَا فِي أَرْضٍ صَلْدٍ وَوَثَبَ عَنْهَا. أَخْرَجَهُ أَحْمَد.
إِخوَتي فِي الله:
لَا شَكَّ فِي أَنَّ الكِفَايَةَ الحَقِيقِيَّةَ بِاللهِ وَحْدَه، فَهُوَ الوَكِيلُ الحَقّ.
الكِفَايَةُ بِاللهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ وَحْدَهُ مَنْ يُدَبِّرُ الأَمْر، فَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُن، لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ ذَرَّةٌ مِنَ الأَمْر، وَلَوْ اجْتَمَعَ كُلُّ الخَلْقِ عَلَى أَنْ يُصِيبُوا العَبْدَ بِأَذًى لَمْ يَسْتَطِيعُوا إِلَّا بِإِذْنِ الله، الَّذِي قَال: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ.
الكِفَايَةُ بِاللهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ مَنْ قَدَّرَ المَقَادِير، قَدَّرَ الضَّرَّ وَالنَّفْع، وَالعَطَاءَ وَالمَنْع، وَالقَبْضَ وَالبَسْط، وَالخَوْفَ وَالأَمْن، كُلُّ هَذَا بِيَدِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، أَلَيْسَ هُوَ القَائِلَ فِيمَا يُصِيبُ عِبَادَه: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ؟
الكِفَايَةُ بِاللهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ وَحْدَهُ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْء، وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْه، لَهُ القُوَّةُ جَمِيعًا، لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير، الوَاحِدُ القَهَّار، لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض، الخَلَائِقُ طَوْعُ أَمْرِه، وَتَحْتَ سُلْطَانِه، لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَلَا لِغَيْرِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا، وَلَا مَوْتًا وَلَا حَيَاة، وَلَا نُشُورًا.
الكِفَايَةُ بِاللهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا يُخَوِّفُونَكَ بِهِ فَهُوَ دُونَ اللهِ سُبْحَانَه، قَالَ تَعَالَى: وَيُخَوِّفُونَكَ بِاَلَّذِينَ مِنْ دُونِهِ، فَكُلُّ الخَلْقِ دُونَ الله، وَتَحْتَ جَبَرُوتِهِ وَقُدْرَتِه، وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِه، وَالظَّاهِرُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ شَيْء.
الكِفَايَةُ بِاللهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُحِيطٌ بِكُلِّ خَلْقِه، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وَسَمْعًا وَبَصَرًا، وَقُدْرَةً وَسُلْطَانًا وَقَهْرًا.
أَوَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ سُبْحَانَه: إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ؟
فَلْيَجْمَعُوا جُنُودًا كَعَدَدِ الرِّمَال، وَلْيَمْكُرُوا مَكْرًا يُزِيلُ الجِبَال، فَلِلَّهِ جُنُودٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُو، وَهُوَ سُبْحَانَهُ خَيْرُ المَاكِرِين، وَهُوَ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيط.
قَالَ الله: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيم، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيم، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوه، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ حَقَّ حَمْدِه، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَبْدِه، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى عَهْدِه، أَمَّا بَعْد:
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى.
إِخْوَةَ الإِسْلَام:
إِنَّ كِفَايَةَ اللهِ نِعْمَةٌ عَظِيمَة، فَمَنِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهَا؟ وَكَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى نَيْلِهَا؟
لَا رَيْبَ أَنَّ النَّاسَ قِسْمَان، أَوْلِيَاءُ لِلرَّحْمَن، وَأَوْلِيَاءُ لِلشَّيْطَان.
فَأَمَّا أَوْلِيَاءُ الرَّحْمَن، فَقَدْ قَامُوا بِوَاجِبِ العُبُودِيَّةِ للهِ وَحْدَه، لَا يَخْضَعُونَ إِلَّا لَه، وَلَا يَسْتَسْلِمُونَ إِلَّا لِأَمْرِه، لَا يَقْصِدُونَ إِلَّا مَرَاضِيَه، وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا غَيْرَه، وَلَا يَتَوَكَّلُونَ إِلَّا عَلَيْه، وَلَا يَثِقُونَ إِلَّا بِه، فَإِذَا عَمِلُوا بِمَا أَوْجَبَ الله، وَأَخَذُوا بِالأَسْبَابِ الَّتِي شَرَعَهَا الله، قَامُوا للهِ صَادِقِين، وَفِي سَبِيلِهِ مُجَاهِدِين، لَا تَهُولُهُمْ جُمُوعُ الأَعْدَاء، وَلَا يُخِيفُهُمْ مَكْرُهُمْ وَكَيْدُهُم، لِأَنَّ مَعَهُمُ اللهَ الَّذِي لَهُ كُلُّ شَيْء.
فَلَهُمْ مِنْهُ الحَسْبُ وَالكِفَايَةُ وَالحِفْظُ وَالتَّأْيِيد، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ تَوَكَّلُوا عَلَيْهِ وَسَلَّمُوا قِيَادَ الأُمُورِ إِلَيْه، قَالَ اللهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُأَيْ كَافِيهِ سُبْحَانَه.
وَلِأَنَّهُمْ حَقَّقُوا العُبُودِيَّةَ لَه، وَالِانْقِيَادَ لِأَمْرِه، قَالَ اللهُ سُبْحَانَه: أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ، فَعَلَى قَدْرِ حَظِّ العَبْدِ مِنَ العُبُودِيَّة، تَكُونُ لَهُ الكِفَايَةُ الرَّبَّانِيَّة، وَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنِ التَمَسَ رِضَاءَ اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللهُ مُؤْنَةَ النَّاس، وَمَنِ التَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى النَّاسِ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ.
وَالآخَرُون: أَوْلِيَاءُ الشَّيْطَانِ وَحِزْبُه، فَهَؤُلَاءِ يُلْقِي اللهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْب، وَيُلْبِسُهُمْ لِبَاسَ الخَوْف، وَذَلِكَ بِسَبَبِ شِرْكِهِمْ بِالله، وَتَعَلُّقِهِمْ بِالمَخْلُوق، وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْه، قَالَ تَعَالَى: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ.
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْه: اللَّهُمَّ صَلّ وَسَلّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
اللَّهُمَّ اكْفِ عِبَادَكَ المُؤْمِنِينَ شُرُورَ اليَهُودِ المُجْرِمِين، اللَّهُمَّ مُجْرِيَ السَّحَابِ مُنْزِلَ الكِتَابِ هَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِم، اللَّهُمَّ نَجِّ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِين، وَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِك، وَارْحَمْ ضَعْفَهُم، وَاجْبُرْ كَسْرَهُم، وَتَوَلَّهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الوَلِيُّ الحَمِيد.
عِبَادَ الله: اُذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.