خطبة (حجّـية السنّـة النبويّـة)

خطبة (حجّـية السنّـة النبويّـة)

عنوان الخطبة: حجيّة السنة النبويّة

عناصر الخطبة:
١- الأمر بطاعة النبي ﷺ
٢-مكانة السنّة النبويّة.
٣- حفظ الله للسنّة النبويّة.
٤-حجية السنّة النبويّة. 

 

 

الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، أَرسَلَهُ رَبُّهُ هُدًى وَرَحمَةً، وَأَنزَلَ عَلَيهِ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ، أَمّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ حَقَّ التَّقوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنّجوَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ‌حَقَّ ‌تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسلِمُونَ.

أَيُّهَا المسلِمُون:

اِمْتَنّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ بِبِعثَةِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَيهِم، وَجَعَلَهُ نُورًا وَهَادِيًا لَهُم، وَمَلَأ قَلبَه حِرْصًا عليهِم وَرَأفةً بِهِم، كَمَا قَالَ تَعَالَى: يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرسَلنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، وَقَالَ جَلَّ شَأنُه: لَقَد جَاءَكُم رَسُولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُّم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ.

وَلِأَنَّ هَذَا الرَّسُولَ الكَرِيمَ ﷺ هُوَ المَبعُوثُ لِدَلَالَةِ النَّاسِ إِلَى الهُدَى، فَقَد أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِطَاعَتِهِ، وَجَعَلَهَا سَبِيلًا لِتَحصِيلِ رَحمَتِهِ، فَقَالَ سُبحَانَهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ، وَقَالَ جَلَّ وَعَزّ: وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ.

بَل جَعَلَ سُبحَانَهُ طَاعَةَ رَسُولِهِ ﷺ مِن طَاعَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَرسَلَهُ بِمَا يَأمُرُ بِهِ، فَقَالَ تَعَالَى: مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَد أَطَاعَ اللَّهَ.

قَالَ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: «يُخبِرُ تَعَالَى عَن عَبدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمّدٍ ﷺ بِأَنّهُ مَن أَطَاعَهُ فَقَد أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَن عَصَاهُ فَقَد عَصَى اللَّهَ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنّهُ مَا يَنطِقُ عَن الهَوَى، إِن هُوَ إِلَّا وَحيٌ يُوحَى».

وَفِي الصَّحِيحَينِ عَن أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ».

وَهَذِهِ الطَّاعَةُ لِلنَّبِيِّ ﷺ هِيَ طَاعَةٌ لَهُ فِي كُلِّ مَا أَخبَرَ بِهِ، وَفِي كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ أَو نَهَى عَنهُ، فَمَا أَخبَرَ بِهِ يُصَدَّقُ، وَمَا أَمَرَ بِهِ يُفعَلُ، وَمَا نَهَى عَنهُ يُجتَنَبُ.

وَتَركُ طَاعَتِهِ ﷺ وَالإِعرَاضُ عَن سُنّتِهِ وَمُـخَالَفَةُ هَديِهِ سَبَبٌ لِلضّلَالِ وَالعَذَابِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَن يَعصِ الله ورَسُولَه فَقَد ضَلَّ ضلالاً مُبيناً، وَقَالَ سُبحَانَه: فَليَحذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصِيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصِيبَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ.


عِبَادَ اللَّهِ!

طَاعَةُ النَّبِيِّ ﷺ هِيَ طَاعَةٌ عَامّةٌ فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنَ القُرآنِ أَو السُّنّةِ، فَقَد أَخبَرَنَا ﷺ فِي سُنَّتِهِ بِأَخبَارٍ صَادِقَةٍ، وَتَكَلّمَ عَن مُغَيّبَاتٍ أَطلَعَهُ عَلَيهَا رَبُّ العِزَّةِ جَلّ جَلَالُهُ، كَمَا بَيّنَ لَنَا ﷺ أَيضًا فِي سُنّتِهِ أَحكَامًا لَيسَت فِي القُرآنِ، وَفَصَّلَ لَنَا مَا أُجمِلَ فِيهِ مِن أَحكَامٍ، مِصدَاقًا لِقَولِهِ تَعَالَى: وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِم وَلَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ.

فَالرُّجُوعُ لِسُنّتِهِ ﷺ أَمرٌ مَحتّمٌ لَابُدّ مِنهُ، فَهِيَ الـمُلَازِمَةُ لِلقُرآنِ، وَالمُصَدّقَةُ لِأَخبَارِهِ، وَالمُبَيّنَةُ لِأَحكَامِهِ، وَلَن يَعمَلَ العَبدُ بِمَا فِي القُرآنِ إِلَّا بِالأَخذِ بِهَا.

فَكَيفَ يَعرِفُ العَبدُ عَدَدَ الصّلَوَاتِ وَصِفَتَهَا، أَو عَدَدَ الرَّكَعَاتِ وَهَيئَتَهَا، إِذَا زَعَمَ الِاكتِفَاءَ بِالقُرآنِ دُونَ الرُّجُوعِ إِلَى سُنَّتِهِ ﷺ؟

وَكَيفَ يَعرِفُ العَبدُ تَفَاصِيلَ الزَّكَاةِ الَّتِي فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾، إِذَا لَم يَهتَدِ بِسُنّتِهِ ﷺ؟ وَهَكَذَا بَقِيَّةُ تَفَاصِيلِ الشَّرَائِعِ وَالدِّينِ.

جَاءَ عَنِ الصَّحَابِيِّ الجَلِيلِ عِمرَانَ بنِ الحُصَينِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، أَنّهُ كَانَ جَالِسًاً وَمَعَهُ أَصحَابُهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِن القَومِ: لَا تُحَدِّثُونَا إِلَّا بِالقُرآنِ، فَقَالَ لَهُ: «اُدنُ»، فَدَنَا، فَقَالَ: «أَرَأَيتَ لَو وُكِلتَ أَنتَ وَأَصحَابُكَ إِلَى القُرآنِ، أَكُنتَ تَجِدُ فِيهِ صَلَاةَ الظُّهرِ أَربَعًاً، وَصَلَاةَ العَصرِ أَربَعًاً، وَالمَغرِبَ ثَلَاثًاً تَقرَأُ فِي اثنَتَينِ؟! أَرَأَيتَ لَو وُكِلتَ أَنتَ وَأَصحَابُكَ إِلَى القُرآنِ، أَكُنتَ تَجِدُ الطَّوَافَ سَبعًاً، وَالطَّوَافَ بِالصَّفَا وَالمَروَةِ؟» ثُمَّ قَالَ: «أَيْ قَوم خُذُوا عَنَّا، فَإِنَّكُم وَاَللَّهِ إِن لَا تَفعَلُوا لَتَضِلُّنَّ».
 

فَالسُّنّةُ مَكَانَتُهَا عَالِيَةٌ، وَمَنزِلَتُهَا رَفِيعَةٌ سَامِيَةٌ، فَهِيَ الوَحيُ الثَّانِي فِي الدّينِ، وَالمَصدَرُ التّالِي لِلقُرآنِ فِي التَّشرِيعِ، وَهِيَ مِن بَلَاغِ النَّبِيّ الأَمِينِ ﷺ.
 

وَهِيَ المُفَسِّرَةُ لِلقُرآنِ الكَرِيمِ، وَالمُبَيِّنَةُ لَهُ، وَالشّارِحَةُ لِأَحكَامِهِ، وَالمُقَيِّدَةُ لِمُطلَقِهِ، وَالمُخَصِّصَةُ لِعَامّهِ، وَإِلَيهَا مَعَ الكِتَابِ الرَّدُّ فِي حَلِّ النّزَاعَاتِ فِي جَمِيعِ الأَوقَاتِ. وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: فَإِن تَنَازَعتُم فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيرٌ وَأَحسَنُ تَأوِيلاً، فَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ هُوَ الرّدُّ إِلَى كِتَابِهِ، وَالرّدُّ إِلَى الرَّسُولِ ﷺ هُوَ الرّدُّ إِلَيهِ فِي حَيَاتِهِ، وَإِلَى سُنَّتِهِ بَعدَ وَفَاتِهِ.
 

عِبَادَ اللَّهِ!

نَبِيُّنَا ﷺ لَا يَنطِقُ عَن الهَوَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِن هُوَ إِلاَّ وَحيٌ يُوحَى، وَسُنَّتُهُ ﷺ مِن جُملَةِ الوَحيِ المُنَزَّلِ عَلَيهِ، كَمَا قَالَ سُبحَانَهُ: وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيكَ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ، وَالمُرَادُ بِالحِكمَةِ هُنَا السُّنّةُ بِاتِّفَاقِ العُلَمَاءِ.

وَقَد حَفِظَ اللَّهُ السُّنّةَ النَّبَوِيَّةَ لِعِبَادِهِ كَمَا حَفِظَ كِتَابَهُ، فَقَالَ تَعَالَى: إِنَّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ، والسُّنَّةُ مِن جُملَةِ الذِّكرِ الّذِي أَنزَلَه اللهُ وتكفَّل بِحِفظِه، ولَا يَتِمُّ حِفظُ القرآنِ إلّا بِحِفظِ السّنَّةِ النّبَويّةِ؛ لأنّها المُبيِّنةُ والمُفَصِّلَةُ لِمَا جَاءَ في القُرآنِ مِنَ الشّرائِعِ والأَحكَامِ.

وَحَفِظَ اللَّهُ السُّنَّةَ أيضًا بِحِفْظِهِ لِدِينِهِ وإِظهَارِهِ عَلَى الدِّينِ كُلِّه، قَالَ تَعَالَى: يُرِيدُونَ أَن يُطفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفوَاهِهِم وَيَأبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَو كَرِهَ الكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ‌لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ وَسُنّتُهُ ﷺ مِن دِينِ اللهِ الَّذِي وَعَدَ بِإِظهَارِهِ، فَسَخَّرَ لَها عُلَمَاءَ أَجِلَّاءَ، بَذَلُوا الغَالِيَ وَالنَّفِيسَ فِي سَبِيلِ هَذَا الحِفظِ، مُستَجِيبِينَ لِقَولِهِ ﷺ: «أَلَا فَليُبلِّغِ الشَّاهِدُ مِنكُم الغَائِبَ»، وَقَولِهِ ﷺ: «اِحفَظُوهُنَّ وَأَخبِرُوا بِهِنَّ مَن وَرَاءَكُم». فَقَامُوا بِهَذَا الوَاجِبِ وَفقَ مَعَايِيرَ فِي غَايَةِ الدِّقَّةِ وَالإِتقَانِ، صِيَانَةً لِدِينِ رَبِّهِم جَلَّ وَعَلَا، وَحِفَاظًا عَلَى سُنَّةِ نَبِيّهِم ﷺ.

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ وَالسُّنّةِ، وَنَفَعنَا بِمَا فِيهِمَا مِن الآيَاتِ وَالحِكمَةِ، أَقُولُ قَولِي هَذَا، وَأَستَغفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائِرِ المُسلِمِينَ مِن كُلِّ ذَنبٍ فَاستَغفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.



 

الخطبة الثانية

الحَمدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَمَن وَالَاهُ، وَبَعدُ:

عِبَادَ اللَّهِ:

أَجمَعَ المُسلِمُونَ مِنْ عَهدِ المُصطَفَى ﷺ إِلَى اليَومِ عَلَى قَبُولِ سُنَّتِهِ ﷺ وَالعَمَلِ بِأَحكَامِهَا، وَتَصدِيقِ أَخبَارِهَا، فَهِيَ قَرِينَةُ القُرآنِ، وَهِيَ حُجَّةٌ مُلزِمَةٌ فِي إِثبَاتِ الدِّينِ بِمَا فِيهِ مِن شَرَائِعَ وَأَحكَامٍ.

قَالَ الشَّوكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «ثُبُوتُ حُجِّيّةِ السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ وَاستِقلَالُهَا بِتَشرِيعِ الِاحكَامِ ضَرُورَةٌ دِينِيّةٌ، وَلَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ إِلّا مَن لَا حَظَّ لَهُ فِي دِينِ الإِسلَامِ!».

وَقَد تَكَاثَرَت النُّصُوصُ الشّرعِيَّةُ المُؤَكّدَةُ عَلَى صِدقِ أَخبَارِهَا، وَحُجِّيَّتِهَا وَاعتِمَادِهَا، بَل شَهِدَ لِحُجِّيَّتِهَا كَذَلِكَ العَقلُ وَالحِسّ وَالوَاقِعُ، بَينَمَا شَذّ أَقوَامٌ وَزَعَمُوا الِاكتِفَاءَ بِالقُرآنِ فَقَط، وَالِاستِغنَاءَ عَن السُّنَّةِ، وَهَؤُلَاءِ فِي الحَقِيقَةِ مَا أَخَذُوا لَا بِالقُرآنِ وَلَا بِالسُّنّةِ.
 

وَمِن نُصَحِهُ ﷺ أَنّهُ حَذّرَنَا مِنهُم، وَبَيّنَ لَنَا أَوصَافَهُم، فَعَنِ الِمِقدَامِ بنِ مَعدِيكَرِبَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ القُرآنَ وَمِثلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكَ رَجُلٌ شَبعَانُ عَلَى أَرِيكتِهِ يَقُولُ: عَلَيكُم بِهَذَا القُرآنِ، فَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ». رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ.
 

فَالوَاجِبُ عَلَى المُسلِمِ تَصدِيقُ النَّبِيِّ ﷺ فِي خَبَرِهِ، وَطَاعَتُهُ فِي أَمرِهِ، وَأَلّا يَعبُدَ اللَّهُ إِلَّا بِشَرعِهِ، وَمِن ذَلِكَ تَعظِيمُ سُنَّتِهِ، وَاعتِقَادُ حُجِّيَّتِهَا، وَالعَمَلُ بِمَا فِيهَا، وَأَنّهُ لَا غِنَى لِلمُسلِمِ عَنهَا، وَأَنّهَا دَلِيلٌ مُستَقِلٌّ لِإِثبَاتِ الدِّينِ، قَالَ تَعَالَى: وَمَا آتَاكُم الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُم عَنهُ فَانتَهُوا.

فَطُوبَى لِمَن عَظّمَ سُنَّةَ نَبِيّهِ ﷺ، وَفَازَ بِاتِّبَاعِهِ وَطَاعَتِهِ، وَدَخَلَ فِي زُمرَةِ أَتبَاعِهِ، جَعَلنَا اللَّهُ وَإِيّاكُم وَالمُسلِمِينَ مِنهُم بِكَرَمِهِ وُجُودِهُ وَإِحسَانِهِ.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الكَلِم، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ مِن الخَيرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمنَا مِنهُ وَمَا لَم نَعلَم، وَنَعُوذُ بِكَ مِن الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمنَا مِنهُ وَمَا لَم نَعلَم، وَنَسأَلُكَ الجَنَّةَ وَمَا يُقَرّبُنَا إِلَيهَا مِن قَولٍ وَعَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِن النَّارِ وَمَا يُقرّبُنَا إِلَيهَا مِن قَولٍ وَعَمَلٍ، وَنَسأَلُكَ مِن خَيرِ مَا سَأَلَكَ مِنهُ عَبدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ ﷺ، وَنَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا عَاذَ مِنهُ عَبدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ ﷺ. اللَّهُمَّ وَفِّق وَلِيَّ أَمرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقوَى. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
 

عِبَادَ اللَّهِ: اُذكُرُوا اللَّهَ ذِكرًا كَثِيرًا، وَسَبّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلًا، وَآخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

 

شارك المحتوى: