عنوان الخطبة: الحث على التوبة
عناصر الخطبة:
١- الحكمة من خلق الإنسان.
٢- من رحمة الله بعباده أن فتح لهم باب التوبة.
٣- شروط قبول التوبة.
٤- حرص الشيطان على حرمان العبد من التوبة.
٥- الحث على المبادرة إلى التوبة.
٦- بشائر للتائبين.
الحَمدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَمَن وَالَاهُ، أَمَّا بَعدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ حَقَّ التَّقوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنّجوَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسلِمُونَ.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ:
إِنَّ كُلَّ مَن يَنظُرُ بِعَينِ الحَقِيقَةِ يَعلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا حَولَهُ مِنَ المَخلُوقَاتِ قَد وُجِدَ لِعِلَّةٍ وَغَايَةٍ، وَلَهُ وَظِيفَةٌ وَنِهَايَةٌ، وَإِنَّكَ أَيُّهَا الإِنسَانُ - مِن غَيرِ شَكٍّ - لَم تُوجَد سُدًى، وَلَم تُخلَقْ عَبَثًا، بَل لَكَ غَايَةٌ عَظِيمَةٌ، بَيّنَهَا لَكَ خَالِقُكَ سُبحَانَهُ فِي قَولِهِ: وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعبُدُونِ.
وَقَد جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِعُمُومِ البَشَرِ يَومًا يَصِيرُونَ فِيهِ إِلَيهِ، فَيُعِيدُ خَلْقَهُم، وَيُقِيمُهُم مِن قُبُورِهِم، فَيُطلِعُهُم عَلَى صَحَائِفِهِم، وَيُحَاسِبُهُم عَلَى أَعمَالِهِم، فَنَاجٍ مُكَرَّمٌ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَهَالِكٌ مُخَلّدٌ فِي العَذَابِ المُقِيمِ.
فَاللَّهُ سُبحَانَهُ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأَرضَ بِالحَقِّ، وَلِتُجزَى كُلُّ نَفسٍ بِمَا كَسَبَت، وَلَيسَ مِن حِكمَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَن يُسَوِّيَ يَومَ القِيَامَةِ بَينَ أَهلِ الطَّاعَةِ وَأَهلِ المَعصِيَةِ، يَقُولُ تَعَالَى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالمُفسِدِينَ فِي الأَرضِ أَمْ نَجعَلُ المُتَّقِينَ كَالفُجَّارِ، وَيَقُولُ سُبحَانَهُ: أَم حَسِبَ الَّذِينَ اجتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَجعَلَهُم كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحيَاهُم وَمَمَاتُهُم سَاءَ مَا يَحكُمُونَ* وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ بِالحَقِّ وَلِتُجزَى كُلُّ نَفسٍ بِمَا كَسَبَت وَهُمْ لَا يُظلَمُونَ.
وَمِن رَحمَةِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ أَنْ فَتَحَ لَهُم بَابَ التَّوبَةِ وَالإِنَابَةِ، وَالرُّجُوعِ وَالِاستِغفَارِ، فَمَهْمَا كَانَ العَبدُ مُفَرِّطًا فِي جَنبِ اللَّهِ، مُسرِفًا عَلَى نَفسِهِ فِي مَعصِيَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لَهُ فُرصَةً فِي العَودَةِ وَالإِيَابِ، قَالَ تَعَالَى: حَم * تَنزِيلُ الكِتَابِ مِنَ اللَّهِ العَزِيزِ العَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوبِ شَدِيدِ العِقَابِ ذِي الطَّولِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيهِ المَصِيرُ.
فَوَعَدَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِقَبُولِ تَوبَتِهِم إِذَا هُم تَابُوا وَأَنَابُوا، وَأَصلَحُوا مَا أَفسَدُوا، قَالَ جَلّ شَأنُهُ: فَمَن تَابَ مِن بَعدِ ظُلمِهِ وَأَصلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، فَاشتَرَطَ سُبحَانَهُ لِقَبُولِ التَّوبَةِ أَن يُصلِحَ العَبدُ عَمَلَهُ فِيمَا بَينَهُ وَبَينَ رَبّهِ، وَبَيّنَهُ سُبحَانَهُ بِقَولِهِ: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهتَدَى.
عِبَادَ اللَّهِ:
التَّوبَةُ لَهَا شُرُوطٌ وَأَركَانٌ، تَقَومُ عَلَيهَا وَتَتِمُّ بِهَا:
أَوّلُهَا: الإِقلَاعُ عَن الذَّنبِ، وَتَركُهُ بِالكُلّيَّةِ، وَمُجَانَبَتُهُ، وَالتَّبَاعُدُ عَنهُ وَعَن أَسبَابِهِ، فَإِنْ كَانَ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ بَادَرَ بِفِعلِهَا وَالمُوَاظَبَةِ عَلَيهَا، وَإِنْ كَانَ مَانِعًا لِزَكَاةِ مَالِهِ سَارَعَ بِإِخرَاجِهَا لِمُستَحِقّيهَا، وَإِن كَانَ عَاقًّا لِوَالِدَيهِ أَو قَاطِعًا لِرَحِمِهِ غَيّرَ ذَلِكَ بِالبِرّ وَالصِّلَةِ، وَإِنْ كَانَ شَارِبًا لِمُسكِرٍ أَو فَاعِلًا لِلفَوَاحِشِ أَو آكِلًا لِلرِّبَا أَقلَعَ عَن ذَلِكَ وَنَزَعَ.
وَإِنْ كَانَت مَعصِيَتُهُ ظُلمًا لِلخَلقِ بَرِئَ مِن حَقّهِم، فَإِن كَانَ مَالًا لِإِنسَانٍ رَدّهُ إِلَيهِ، وَإِن كَانَ غِيبَةً استَحَلّهُ مِنهَا، أَوْ أَثنَى عَلَيهِ حَيْثُ اغْتابَهُ وَدَعَا لَهُ بِظَهْرِ الغَيْبِ.
وَثَانِيهَا: النَّدَمُ عَلَى مَا فَاتَ مِنْ مَعصِيَةِ الرَّبّ جَلّ وَعَلَا، فَقَد رَوَى أَحمَدُ وَابنُ مَاجَه عَن ابنِ مَسعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «النّدَمُ تَوبَةٌ».
وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ: أَن يَتَذَكّرَ العَبدُ عَظَمَةَ رَبِّهِ سُبحَانَهُ، وَكَمَالَ صِفَاتِهِ، وَعَظِيمَ حَقِّهِ عَلَيهِ، وَإِحسَانِهِ إِلَيهِ، فَيَستَحِيَ مِمَّا اقتَرَفَتهُ يَدَاهُ، وَيَحزَنَ عَلَى حَالِهِ، وَيَخشَى أَن يُصِيبَهُ عَذَابُ اللَّهِ، وَيُحرَمَ رَحمَتَهُ وَهُدَاهُ، فَيَتَمَنّى أَنْ لَو لَمْ تَصدُرْ مِنهُ تِلكَ المَعصِيَةُ، وَيَندَمُ عَلَى فِعلِهَا. أَمَّا مَنْ بَقِيَ فَرِحًا بِمَعصِيَتِهِ، مَسرُورًا بِتَذَكُّرِهَا، فَإِنّهُ بَعِيدٌ عَن رَحمَةِ اللَّهِ وَتَوفِيقِهِ.
وَثَالِثُ أَركَانِ التَّوبَةِ: أَنْ يَعقِدَ العَزمَ عَلَى أَن لَا يَعُودَ إِلَيهَا أَبَدًا، وَهَذِهِ هِيَ التَّوبَةُ النَّصُوحُ، الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُم أَنْ يُكَفِّرَ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيُدخِلَكُم جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ يَومَ لَا يُخزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُم يَسعَى بَينَ أَيدِيهِم وَبِأَيمَانِهِم يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتمِم لَنَا نُورَنَا وَاغفِر لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ﴾.
سُئِلَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رضي الله عنه عَنِ التّوبَةِ النّصُوحِ فَقَالَ: «التّوبَةُ النّصُوحُ أَن يَتُوبَ الرّجُلُ مِنَ العَمَلِ السَّيِّئِ، ثُمّ لَا يَعُودَ إِلَيهِ أَبَدًا».
وَقَالَ الحَسَنُ البَصرِيُّ رحمه الله: «أَن يَكُونَ العَبدُ نَادِمًا عَلَى مَا مَضَى، مُجمِعًا عَلَى أَن لَا يَعُودَ فِيهِ».
فَالتَّائِبُ حَقًّا هُوَ مَن صَدَقَ عَزمُهُ عَلَى أَلَّا يُعَاوِدَ الذَّنبَ، لَكِن إِذَا غَلَبَهُ الشَّيطَانُ وَعَادَ إِلَى الذَّنبِ لَم يَيأَس مِن التَّوبَةِ، بَل يَعُودُ فَيَتُوبُ، ثُمَّ يَتُوبُ، ثُمَّ يَتُوبُ، حَتَّى يَكُونَ الشَّيطَانُ هُوَ المَحسُورَ المَدحُورَ كَمَا قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه.
وَعَن عُقبَةَ بنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، أَنّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النّبِيّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَحَدُنَا يُذنِبُ. قَالَ: «يُكتَبُ عَلَيهِ». قَالَ: ثُمّ يَستَغفِرُ مِنهُ وَيَتُوبُ. قَالَ: «يُغفَرُ لَهُ وَيُتَابُ عَلَيهِ». قَالَ: فَيَعُودُ فَيُذنِبُ. قَالَ: «فَيُكتَبُ عَلَيهِ». قَالَ: ثُمّ يَستَغفِرُ مِنهُ وَيَتُوبُ. قَالَ: «يُغفَرُ لَهُ وَيُتَابُ عَلَيهِ، وَلَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتّى تَمَلُّوا» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ ابنُ حَجَرٍ.
وَقِيلَ لِلحَسَنِ: أَلَا يَستَحِيِ أَحَدُنَا مِن رَبِّهِ؛ يَستَغفِرُ مِن ذُنُوبِهِ ثُمَّ يَعُودُ، ثُمَّ يَستَغفِرُ ثُمَّ يَعُودُ؟ فَقَالَ: «وَدَّ الشَّيطَانُ لَو ظَفِرَ مِنكُم بِهَذَا، فَلَا تَملُّوا مِنَ الِاستِغفَارِ».
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ قَولِي هَذَا، وَأَستَغفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائِرِ المُسلِمِينَ مِن كُلِّ ذَنبٍ فَاستَغفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الحَمدُ لِلَّهِ قَابِلِ المَتَابِ، الرَّحِيمِ بِمَن عَادَ وَأَنَابَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّ التَّوبَةِ، وَعَلَى آلِهِ الأَخيَارِ وَالصُّحبَةُ.
عِبَادَ اللَّهِ:
إِنَّ مِن أَعظَمِ مَقَاصِدِ الشَّيطَانِ حِرمَانَ العِبَادِ مِن التَّوبَةِ، فَهُوَ جَاهِدٌ أَبَدًا فِي إِبعَادِهِم عَنهَا، وَوَضعِ الحَوَاجِزِ وَالمَوَانِعِ بَينَهُم وَبَينَهَا، حَتّى يَظَلّوا فِي دَائِرَةِ غَضَبِ اللَّهِ وَيَصِيرُوا إِلَى عِقَابِهِ، فَإِنَّ مَنْ أَصَرَّ عَلَى المَعصِيَةِ وَغَفَلَ عَنِ التَّوبَةِ أَوْشَكَ أَنْ يُزَيَّنَ لَهُ - بِسَبَبِ هَذَا الإِصرَارِ - سُوءُ عَمَلِهِ، وَيَنسَى عَاقِبَةَ أَمرِهِ بَعدَ حُلُولِ أَجَلِهِ:أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهدِي مَن يَشَاءُ.
فَيَكُونُ ذَلِكَ مِن أَسبَابِ سُوءِ الخَاتِمَةِ عِندَ حُلُولِ القَاصِمَةِ، حِينَ يُكشَفُ عَنهُ الغِطَاءُ، وَيَظهَرُ مَا خَفِيَ بِسَبَبِ غَلَبَةِ الهَوَى، وَإِيثَارِ الحَيَاةِ الدُّنيَا، فَتَجِدُ العَاصِيَ يَتَحَسَّرُ عِندَ المَوتِ، فَيَقُولُ: يَا لَيتَنِي قَدَّمتُ لِحَيَاتِي، وَيَقُولُ: رَبِّ لَولَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ، حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قَالَ رَبِّ ارجِعُونِ * لَعَلِّي أَعمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِم بَرزَخٌ إِلَى يَومِ يُبعَثُونَ.
فَبَادِرْ عَبدَ اللَّهِ إِلَى التَّوبَةِ قَبلَ أَن يَفْجَأَكَ الأَجَلُ، فَكَمْ تُؤَمِّلُ حَيَاةً طَوِيلَةً، وَأَنتَ لَا تَدرِي مَتَى تَأتِيكَ سَاعَةُ المَوتِ، قَالَ تَعَالَى:إِنَّمَا التَّوبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيهِم وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذِينَ يَعمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قَالَ إِنِّي تُبتُ الآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُم كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعتَدْنَا لَهُم عَذَابًا أَلِيمًا، وَرَوَى أَحمَدُ وَالتِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَرضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنّ اللَّهَ يَقبَلُ تَوبَةَ العَبدِ مَا لَمْ يُغَرْغِر» حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَلْتُبْشِرْ أَيُّهَا التَّائِبُ بِرَحمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَمَغفِرَةٍ، قَالَ تَعَالَى: وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُل سَلَامٌ عَلَيكُم كَتَبَ رَبُّكُم عَلَى نَفسِهِ الرَّحمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُم سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعدِهِ وَأَصلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
وَلْتُبْشِرْ بِمَحَبّةِ اللَّهِ الَّتِي وَعَدَ بِهَا عِبَادَهُ التَّوّابِينَ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ.
وَلْتُبْشِرْ بِالحَيَاةِ الهَنِيئَةِ، وَالرِّزقِ الحَسَنِ؛ فِي الدُّنيَا قَبلَ الآخِرَةِ: وَأَنِ استَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ يُمَتِّعكُم مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤتِ كُلَّ ذِي فَضلٍ فَضلَهُ. وَقَالَ هُودٌ عليه السلام، لِقَومِهِ: وَيَا قَومِ استَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ يُرسِلِ السَّمَاءَ عَلَيكُم مِدرَارًا وَيَزِدكُم قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُم وَلَا تَتَوَلَّوا مُجرِمِينَ.
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى أَحمَدَ الهَادِي شَفِيعِ الوَرَى طُرًّا؛ فَمَن صَلَّى عَلَيهِ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ بِهَا عَشرًا. اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمَ عَلَى عَبدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وَارضَ اللَّهُمَّ عَن خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين: أَبِي بَكرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَن سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجمَعِينَ، وَتَابِعِيهِم بِإِحسَانٍ إِلَى يَومِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُم بِمِنِّكَ وَكَرَمِكَ وَإِحسَانِكَ يَا أَكرَمَ الأَكرَمِينَ.
اللَّهُمَّ اغفِر لَنَا ذُنُوبَنَا، وَاستُر عُيُوبَنَا، وَاختِم بِالصَّالِحَاتِ أَعمَالَنَا. اللَّهُمَّ وَفِّقنَا لِتَوبَةٍ نَصُوحٍ تَمحُو بِهَا ذُنُوبَنَا، وَتُصلِحُ بِهَا أَعمَالَنَا، رَبّنَا تَقَبَّلْ تَوبَتَنَا، وَاغسِلْ حَوبَتَنَا، وَأَجِبْ دَعوَتَنَا، وَثَبِّت حُجّتَنَا، وَاهدِ قُلُوبَنَا، وَسَدِّد أَلسِنَتَنَا، وَاسلُل سَخَائِمَ قُلُوبِنَا.
اللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَى بِلَادِنَا أَمنَهَا وَرَخَاءَهَا، وَعِزَّهَا وَاستِقرَارَهَا. وَوَفِّقَ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذ بِنَاصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقوَى.
عِبَادَ اللَّهِ:
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُربَى وَيَنهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ وَالبَغيِ يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ﴾. فَاذكُرُوا اللَّهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُم، وَاشكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدكُم، وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكبَرُ، وَاَللَّهُ يَعلَمُ مَا تَصنَعُونَ.