عنوان الخطبة: الميل العظيم.
عناصر الخطبة:
١- القوة أن تكون عبدًا لله.
٢- خطورة اتباع الشهوات.
٣– الخطة المشؤومة والنجاةُ منها.
٤- إن ربي على صراط مستقيم.
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي خلقَ كلَّ شيءٍ فقدَّرَهُ تقديرًا، وسنَّ الشَّرعَ لعبادِهِ تزكِيةً وتيسيرًا، وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ، فاتقوا اللَّهَ عبادَ اللَّهِ حقَّ التَّقوى، وراقبوهُ في السِّرِّ والنَّجوى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
عبادَ الله:
يقولُ النبيُّ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ». صحيح مسلم (٢٩٢٢)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (١).
معركةٌ حتميَّةٌ، يلتقي فيها جندُ الرحمنِ مع اليهودِ الفجَرةِ، فترى الواحدَ منهم يفرُّ كالجِرذانِ، يبحثُ عن حجَرٍ أو شجرٍ يحتمي به من غَضْبةِ أهلِ الإيمان، ولكن أين المفرّ؟ لقد تأذّى من خُبْثهم كلُّ شيء حتى الحجرُ والشجر!
يومئذٍ سينادي الحجرُ والشَّجرُ على صِنفٍ واحدٍ، هم من حقَّقوا الإسلامَ للهِ والعبوديةَ له وحدَهُ، أولئك الثابتون إذا التقى الجمعانِ، لا يفرُّون ولا ينهزِمونَ.
أتدري لماذا لم يفرُّوا من أرضِ المعركةِ ومَيدانِ القتالِ؟
لأنهم تحرَّرُوا مِن رِقِّ أنفُسِهم وشهَواتِهم، وصارُوا عبيدًا للهِ وحدَهُ، لا تستعبِدُهمُ الشَّهَواتُ والنَّزَواتُ.
أتظنُّ أن إنسانًا لا يملكُ نفسَهُ أمام شهواتِها ومَلذّاتِها يَثبُتُ أمامَ جحافلِ الكُفرِ عند تطايُرِ الرُّؤوسِ؟
لقد علم أعداءُ الأمةِ مكمَنَ القوَّةِ، وأصلَ الدّاءِ.
مكمَنُ القوَّةِ أن تكونَ عبدًا للهِ وحدَهُ، حُرًّا ممّا سوى اللهِ، وأصلُ الدّاءِ أن تُستَعبَدَ القلوبُ والنُّفوسُ لغيرِ اللهِ؛ لشهَواتِها وملذّاتِها.
لقد وقفَ المنصِّرُ صَموئِيل زويمر بين جندِ الشَّيطانِ في المؤتمرِ التَّنصيريِّ الذي عُقد في القُدسِ قبل أكثرَ من سبعينَ سنةً، قائلًا: «مُهمَّتُكم أن تُخرِجوا المسلمَ من الإسلامِ ليُصبحَ مخلوقًا... لا يعرفُ الصِّلَةَ باللهِ، ولا يُريدُ أنْ يعرفَها، لا يهتمُّ بعظائمِ الأمورِ، ويُحِبُّ الرّاحةَ والكسلَ، ولا يَصرفُ همَّهُ في دنياهُ إلَّا في الشَّهَواتِ، فإذا تعلَّم فللشَّهَواتِ، وإذا جمع المالَ فللشَّهَواتِ، وإذا تبوَّأ أسمى المراكِزِ ففي سبيلِ الشَّهَواتِ يجودُ بكلِّ شيءٍ». انتهى كلامُ الخبيثِ. أجنحة المكر الثلاثة تأليف عبد الرحمن حسن حبنكة (ص١٠١)، والموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (٢/٦٦٩). (٦)
أتدري أينَ الخطرُ؟
إنَّ أخطرَ ما في اتِّباعِ الشَّهَواتِ أن يتحوَّلَ الإنسانُ إلى عبدٍ أسيرٍ لشهوتِهِ، فإنَّ الحرِّيَّةَ حرِّيَّةُ القلبِ، والعبوديَّةَ عبوديَّةُ القلبِ.
إنَّ أسيرَ الشَّهَواتِ كالسَّكْرانِ الذي لا يُفيقُ!
أوَلَم تسمعْ قولَه تعالى عن قومِ لوط: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ[الحجر: ٧٢]؟
عِبادَ الله:
إنَّ اللهَ يُريدُ منَّا أمرًا، ويُريدُ أتْباعُ الشَّهَواتِ منَّا أمرًا، وإنَّ بين ما يُريدهُ اللهُ، وما يُريدهُ أولئك، لفَرقًا عظيمًا وبَونًا شاسعًا.
يقول تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا[النساء: ٢٦-٢٨].
اللهُ يُريدُ لك الهدايةَ والحياةَ الطيِّبةَ، يُبيِّنُ لك الخيرَ والشَّرَّ، والصَّلاحَ والفسادَ، يُبيِّنُ لك حالَ نفسِكَ، ويكشِفُ لك خُطَطَ عدوِّكَ.
أمَّا الشَّيطانُ وأولياؤهُ ممَّن يتَّبعون الشَّهَواتِ، فيُريدون لك الميلَ العظيمَ عن الهدى المستقيمِ.
اللهُ هو مَنْ خلق الإنسانَ، ويعلمُ ضعفَه، يعلمُ أنَّه لا يتمالكُ ولا يصبرُ عن شيءٍ تدعوهُ إليهِ نفسُه، إلَّا بالإيمانِ باللهِ، وبتعظيمِهِ ومحبَّتِهِ، ومتى تُرِك الإنسانُ دون الإيمانِ باللهِ، كان كالأنعامِ بل أضلَّ سبيلًا.
علم أعداءُ الأمةِ ذلك، ممَّن يعبدونَ شَهَواتِهم، فجلسوا، وبينَهم وليُّهمُ الشَّيطانُ اللَّعينُ، يُوحي بعضُهم إلى بعضٍ: كيف يُميلون المسلمين عن الصِّراطِ المستقيمِ الميلَ العظيمَ والانحرافَ الذميمَ؟
فكانت الخُطَّةُ المشؤومةُ: إشاعةَ الفواحشِ بين المسلمينَ، واستثارةَ غرائزِهم بكلِّ سبيلٍ.
سيلٌ جارِفٌ، وشباكٌ منصوبةٌ، ومخالبُ مسمومةٌ، لكلِّ فئاتِ المجتمعِ، ليقع أبناءُ المسلمين أسرى شهواتِهم، حتى يصيرَ أحدُهم إمَّا عاشقًا مجنونًا يَهيمُ في غرامِ محبوبِهِ، أو مُنساقًا خلفَ شهوةٍ مُذِلَّةٍ، تخبُثُ بها نفسُه، وتخزىٰ بها روحُه.
شبكاتٌ إعلاميَّةٌ، تُدَرُّ عليها الأموالُ الطّائلةُ، وتُجَيَّشُ لها الطّاقاتُ، ويُجمَعُ لها اللُّقَطاءُ والمخنَّثونَ والفُسّاقُ، حَفَلاتٌ ماجِنة، وسَهَراتٌ فاجِرَةٌ، غناءٌ واختلاطٌ، وعُرْيٌ وانحطاطٌ، أفلامٌ ومسلسَلاتٌ، أزياءٌ ومَوضاتٌ، قِصَصٌ ورِواياتٌ، مواقِعُ ومِنَصَّاتٌ، على مدارِ اليومِ والليلةِ، تَبُثُّ ذاك الخَنَىٰ بين المسلمينَ والمسلماتِ، في محاولاتٍ حثيثةٍ لوَأْدِ العِفَّةِ والفضيلةِ والحياءِ.
عبادَ اللهِ! كيفَ ينجو أبناؤُنا من خُطَّةِ الشرِّ، وبراثنِ السُّمِّ؟
إنَّ تربيةَ النَّشْءِ على الإيمانِ الثابتِ باللهِ هو العاصمُ والأساسُ من كلِّ الفتنِ، ذاكَ الإيمانُ الذي يُثمِرُ في القلبِ تعظيمَ اللهِ ومحبَّتَهُ، وخشيتَهُ، والطَّمَعَ في جنَّتِهِ، ومراقبتَهُ، وإيثارَ مرْضاتِهِ عند غَلَباتِ الهوى، ثم يَظهَرُ أثرُهُ على الجوارحِ، فيُصبحُ صاحبُهُ عفيفًا طاهرًا.
ها هو يوسفُ الصِّدِّيقُ، تُعرَضُ عليه الفتنةُ، تقولُ له: "هيتَ لك!"، إلَّا أنَّهُ يعوذُ باللهِ معتصِمًا، فيَصرفُ اللهُ عنه الفاحشةَ، لأنَّهُ كان مؤمنًا، وعبدًا للهِ حقًّا.
قال سبحانه: كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ[يوسف: ٢٤].
ثم إنَّ علينا سدَّ تلك الأبوابِ المُشرَعةِ، التي تَفتَحُ على القلبِ الافتتانَ بالشَّهَواتِ المحرَّمةِ.
يقول النبيُّ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ». صحيح البخاري (٦٢٤٣)، وصحيح مسلم (٢٦٥٧)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (٢)
هذه الجَوَّالاتُ التي تنقُلُ الخيرَ والشرَّ، والشرُّ فيها غالِبٌ مقتحِمٌ، تُطالِعُه العيونُ، وتضطَربُ له القلوبُ، كيف نتركُها بلا رَقابةٍ بين أبنائِنا وبناتِنا، ثم نشكو بعد ذلك ضَيْعَةَ الأخلاقِ وذهابَ الفضيلةِ؟
هذه المِنَصّاتُ التي تعرِضُ الأفلامَ والمسلسَلاتِ والغِناءَ الفاحشَ، كيف ندفعُ لهم أموالَنا ليَهدِموا بها أخلاقَ أبنائِنا؟
دعني أسألْك يا مسلمُ: معَ أيّ فريقٍ أنت؟ أيمكن أن يكونَ المسلمُ حَلْقةً أو مِعْوَلَ هدمٍ لمن يتَّبعون الشَّهْوات؟
إنَّ إشاعةَ الفواحشِ منظومةٌ متكامِلةٌ، يشتركُ فيها كلُّ من يعملُ على إثارةِ الغرائزِ والشَّهَواتِ، أو يُعينُهم على ذلك.
ألم يصفِ النبيُّ ﷺ تلك المرأةَ التي خلعَتْ حِجابَها وتزيَّنتْ أنَّها مائلةٌ مُمِيلةٌ، فقال: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا - وذكر منهم - وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا». صحيح مسلم (٢١٢٨)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (٣)
إنَّ التي خلعتْ حجابَها، ومن يُنَادُون بخلعِ الحِجابِ، ويَصنعونَ ويَبيعون الثِّيابَ الخليعةَ المحرَّمةَ، وكذلك الذين يكتبون الرِّواياتِ الغراميَّةَ، ويُزيِّنون للشبابِ الصَّداقةَ والعشقَ بين الجنسين، ويُهوِّنون من شأن العَلاقاتِ المحرَّمةِ، وكذلك الذين يُنتِجون أو يشاركون في عملِ المقاطعِ وبثِّ الموادِّ التي تُشجِّع على الرَّذيلةِ والفواحشِ، والذين يَحْتَفُون بالفُسَّاقِ والمُخنَّثين، ويُقيمون لهم الحفَلاتِ الماجِنةَ، وينشُرونها بين المسلمين، هم جميعًا ممَّن يُشيعون الفاحشةَ في الذين آمنوا.
ألمْ يسمعْ هؤلاءِ وعيدَ اللهِ إذ يقول: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ[النور: ١٩]؟!
وماذا ننتظِرُ عندما تنتَشِرُ بين المسلمينَ الفواحشُ، ويُستعلَنُ بها دون نكيرٍ، ونُسميه فنًّا وإبداعًا؟
أينتظرُ هؤلاءِ ما قالهُ النبيُّ ﷺ: «لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا».سنن ابن ماجه (٤٠١٩)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه (٣٢٤٦). (٤)؟
عافانا اللهُ وجميعَ المسلمينَ من كلِّ سوءٍ.
باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفِروهُ، إنَّه هو الغَفورُ الرّحيمُ.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ الله، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن والاهُ، وبعد:
يقول سبحانه: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[الزخرف: ٤٣].
إنَّ هذا الدينَ وتلكَ الشَّريعةَ هو الصِّراطُ المستقيمُ، لا ترىٰ فيها عِوَجًا ولا شَطَطًا، لذا كلُّ ما أباحَهُ اللهُ وسنَّهُ وشرَعَهُ بهِ تستقيمُ الحياةُ والنفوسُ، وكلُّ ما حرَّمَهُ اللهُ فبانتهاكِ حُرْمتِهِ تزيغُ القلوبُ، وتسفُلُ النُّفوسُ، وتَصيرُ الحياةُ شقاءً وضَنْكًا.
لقد أحلَّ اللهُ وشرَعَ لنا الزَّواجَ، وحرَّم على الناسِ الفواحشَ، حرَّم الزِّنا واللِّواطَ ومقدِّماتِ ذلك وخُطُواتِهِ، وسدَّ كلَّ سبيلٍ يُؤدِّي إليه، كلُّ هذا تحتَ قاعدةٍ ربانيَّةٍ: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ[الأحزاب: ٥٣].
يا عبادَ الله! إنَّ اللهَ سبحانهُ يَغارُ، يقولُ النبيُّ ﷺ: «لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ». رواه البخاري ومسلم([٥]).
قد آنَ الأوانُ للأمَّةِ أن تعرفَ عدوَّها، وأذنابَه، وأبواقَه، وتَصُدَّ ذاك السيلَ الخبيثَ والسُّمَّ الرُّعافَ.
لقدْ جلَّى اللهُ مكرهم فقالَ عن اليهودِ والنصارى: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ[البقرة: ١٢٠]، وقال عن المنافقين: وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً[النساء: ٨٩].
لن يقفَ أمامَ هؤلاء، ويَسترِدَّ الأقصى الأسيرَ، ويَذودَ عن الدِّينِ والعِرضِ الثَّمينِ، إلَّا عبدُ اللهِ، الحرُّ الذي لا تسترِقُّه شَهْوةٌ محرَّمةٌ، ولا تأسِرُه نَزْوةٌ آثمةٌ.
وَلَا يَكْشِفُ الْغَمَّاءَ إِلَّا ابْنُ حُرَّةٍ
يَرَى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ ثُمَّ يَزُورُهَا
اللَّهُمَّ انصُرِ الإسلامَ وأعِزَّ المسلمينَ، وأهْلِكِ اليهودَ المجرمينَ، اللَّهُمَّ وأنزِلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونَجِّ عبادَكَ المستضعَفينَ، وارفعْ رايةَ الدِّينِ، بقُوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.
اللّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورِنا، واجعل وِلايتَنا فيمن خافَكَ واتّقاكَ واتّبعَ رِضاك.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.