عنوان الخطبة: وأصحابي أمَنة لأمتي.
عناصر الخطبة:
١- تزكية الله ورسوله ﷺ للصحابة.
٢- لماذا الصحابة أمنة للأمة؟
٣– واجبنا تجاه الصحابة.
٤- لماذا يطعن فيهم الزنادقة؟
الحمدُ للهِ الذي جعلَ النُّجومَ أمنةً للسماءِ، وجعلَ نبيَّهُ محمدًا ﷺ نورًا من الظَّلماءِ، واصطفى أصحابَهُ فجعلَهم عدولًا ونجاةً من البدعِ والأهواءِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.
أمّا بعدُ، فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التقوى، وراقبوهُ في السِّرِّ والنَّجوى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
في ذاتِ ليلةٍ صلَّى النبيُّ ﷺ المغربَ مع أصحابِهِ، ثمَّ نظرَ إلى السماءِ، فَقَالَ: «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ». صحيح مسلم (٢٥٣١)، من حديث أبي موسى رضي الله عنه. (١)
كانَ النبيُّ ﷺ سراجًا منيرًا للناسِ من الظلماتِ، جعلهُ اللهُ بينَ أصحابِهِ أمنًا وأمانًا من الفتنِ، فلما تُوفيَ ﷺ جاءتِ الفتنُ، وارتدَّ أكثرُ العربِ عن دينِ اللهِ، لكنْ بقيَ الدينُ شامخًا عزيزًا بالثُّلةِ المباركةِ أصحابِ النبيِّ ﷺ، فقاموا بهِ خيرَ قيامٍ حتى أعزَّ اللهُ بهم الدينَ، وقمعَ اللهُ بهم المرتدينَ، وفتحَ بهم القلوبَ والبلادَ.
وصفهم النبيُّ ﷺ فقال: «وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ».
أصحابُ النبيِّ ﷺ كالنُّجومِ في السماءِ، جعلهُم اللهُ أمَنةً للأمّةِ بعدَ وفاةِ نبيِّهِ ﷺ، أمَنةً وأمانًا من الفُرقةِ والاختِلافِ وظهورِ البدعِ وتسلُّطِ أهلِ الأهواءِ.
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا تَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا دَامَ فِيكُمْ مَنْ رَآنِي وَصَاحَبَنِي». السنة لابن أبي عاصم (١٤٨١)، من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣٢٨٣). (٢).
لكن، لماذا الصحابةُ أمنةٌ للأمَّةِ؟
أصحابُ النبيِّ ﷺ هم خيرُ الناسِ بعدَ الأنبياءِ، اختارهمُ اللهُ لصُحبةِ نبيِّهِ ﷺ، وقد زكَّاهم ربُّ العالمينَ في كتابِهِ، وزكَّاهم نبيُّهُ الأمينُ صلواتُ اللهِ عليهِ وسلامُهُ.
زكّاهم الله فقال: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا[الفتح: ٢٩].
لقدْ بشّرهمُ اللهُ برضوانهِ وهمْ أحياء، فقال: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[التوبة: ١٠٠].
وزكاهمُ النَّبيُّ ﷺ فقال: «خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». صحيح البخاري (٣٦٥٠)، وصحيح مسلم (٢٥٣٣)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (٣)
وسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ فَقَالَ: «أَنَا وَالَّذِينَ مَعِي، ثُمَّ الَّذِينَ عَلَى الْأَثَرِ، ثُمَّ الَّذِينَ عَلَى الْأَثَرِ». مسند أحمد (٨٤٨٣)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٤/٤٥٥). (٤)
اصطفاهمُ اللهُ واختارهم على علم، فجعلهم أصحابَ نبيِّه ﷺ.
قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ ﷺ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ». مسند أحمد (٣٦٠٠)، من قول ابن مسعود رضي الله عنه موقوفاً عليه، وصححه الألباني في تعليقه على شرح الطحاوية (ص٥٣٠) (٥)
لقد جعلَهُم اللهُ أمنةً لهذهِ الأمّةِ بإيمانِهِم الصادقِ بربِّ العالمينَ ونبيِّهِ الكريمِ ودينِهِ العظيمِ.
قال الله: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[الحشر: ٨-٩]
هذا الإيمانُ الذي حملَهُم على الجهادِ في سبيلِ اللهِ، وبَذْلِ دمائِهِم وأموالِهِم، فأسلموا رَغْمَ أنفِ الجاهليةِ وأوثانِها، وهاجروا للهِ ورسولِهِ تاركينَ مكةَ ببِطاحِها، وجاهدوا في سبيلِ اللهِ راغبينَ في الجنةِ ونعيمِها.
قال تعالى: لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[التوبة: ٨٨].
جاءتْهُم زلازلُ البلاءاتِ، وعواصِفُ المدْلَهِمّاتِ، واجتمعَ عليهم مَن بأقطارِها، إلّا أنَّهم كانوا جبالًا لا تلينُ، عَلِمَ اللهُ صدقَ قلوبِهِم فثبَّتَهُم بملائكتِهِ، وأنزلَ السكينةَ في قلوبِهِم.
قال سبحانه: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا[الفتح: ١٨].
رَغْمَ كلِّ المحنِ والبلايا، استجابوا للهِ ورسولِهِ ﷺ، كانتِ الدماءُ تسيلُ من أجسادِهِم، وفقدوا أولادَهم وإخوانَهم، وجاءهُم الخبرُ أنَّ المشركينَ قد جمعوا العُدّةَ لاستئصالِهِم، فما وَهنوا لما أصابَهُم وما ضَعُفوا وما استكانوا، بل اعتصموا باللهِ، هو مولاهم، فنعمَ المولى ونعمَ النصيرُ.
قال الله مثنيًا عليهم: الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ[آل عمران: ١٧٢-١٧٣].
أحبُّوا النبيَّ ﷺ بكلِّ قلوبِهِم، يَفْدونَهُ بأرواحِهِم وأولادِهِم، يوقِّرونَهُ ويُطيعونَهُ ولا يُخالفونَ عن أمرِهِ.
وصَفَهم عروةُ بنُ مسعود يومَ الحُدَيبيَة -وكان يومئذ كافرًا- فقال: «وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى المُلُوكِ، وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ، وَكِسْرَى، وَالنَّجَاشِيِّ، وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ مُحَمَّدًا، وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ». صحيح البخاري (٢٧٣١)، من حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه (٦)
كانوا أعبدَ هذهِ الأمةِ، وأحرصَ على العملِ ممن يأتي بعدَهُم، لا يتلوَّنونَ في دينِ اللهِ، لذا ثقَّلَ اللهُ موازينَهُم، فمهما عملَ الإنسانُ منا لا يبلغُ منازلَهُم ولا يكادُ.
ها هو النبيُّ ﷺ يقرر ذلك قائلاً: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ». صحيح البخاري (٣٦٧٣)، وصحيح مسلم (٢٥٤٠)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. (٧)
كانوا أعلمَ هذهِ الأمةِ بهذا الدينِ، علَّمهم رسولُ اللهِ ﷺ الإيمانَ والقرآنَ، أخذوا الدينَ منهُ غَضًّا طريًّا، دينًا خالصًا ليسَ فيهِ شائبةٌ، كانوا يشهدونَ الوحيَ ينزلُ على رسولِ اللهِ ﷺ، فعرفوا تنزيلَهُ وتَفسيرَه.
لقد أمرَ النبيُّ ﷺ بالتمسُّكِ بسنَّتِهِ وسنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ من بعدِهِ، وجعلَ ما كانَ هو عليهِ وأصحابُهُ معيارَ الحقِّ الذي من اعتصمَ بهِ أمِنَ من الزيغِ والضلالِ، فإنَّهم لا يجتمعونَ على ضلالةٍ.
يقولُ النبي ﷺ: «إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ فَتَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ». سنن أبي داود (٤٦٠٩)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٩٣٧). (٨)
وقال النبيُّ ﷺ: «إِنَّ بني إسرائيل تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلاَّ مِلَّةً وَاحِدَةً، قَالُوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي». جامع الترمذي (٢٦٤١)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وحسنه الألباني في صلاة العيدين (ص٤٦). (٩)
باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفِروهُ، إنَّه هو الغَفورُ الرّحيمُ.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ الله، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن والاهُ، وبعد:
عبادَ الله:
إنَّ واجبَنا تِجاهَ الصَّحابةِ -رضوانُ اللهِ عليهم- محبَّتُهم، والترضي عنهم، والاقتداءُ بهم، واتباعُ سبيلِهِم، فإنَّهُ لا يُحِبُّهُم إلَّا مؤمنٌ، ولا يُبغضُهُم إلَّا منافقٌ.
يقول النَّبِيُّ ﷺ: «آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ». صحيح البخاري (١٧)، وصحيح مسلم (٧٤)، من حديث أنس رضي الله عنه. (١٠)
إنَّ هؤلاءِ الطاعنينَ الذينَ يسبُّونَ أصحابَ النبيِّ ﷺ توعَّدَهُم رسولُ اللهِ ﷺ باللَّعَناتِ، والطَّردِ من رحمةِ ربِّ الأرضِ والسماواتِ.
قال النبيُّ ﷺ: «مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا». الدعاء للطبراني (٢١٠٨)، من حديث أنس رضي الله عنه، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٢٣٤٠). (١١)
هؤلاءِ الطاعنونَ إنَّما أرادوا هدمَ الإسلامِ بالطَّعنِ في نقَلَتِهِ، همُ الذينَ نقَلوا لنا القُرآنَ والسُّنَّةَ، فإذا سقطَ الناقلُ سقطَ المنقولُ.
ورحمَ اللهُ أبا زُرعةَ الرازي إذْ يقول: «إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَنْتَقِصُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَاعْلَمْ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّسُولَ ﷺ عِنْدَنَا حَقٌّ، وَالْقُرْآنَ حَقٌّ، وَإِنَّمَا أَدَّى إِلَيْنَا هَذَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ أَصْحَابُ رَسُول ِاللَّهِ ﷺ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ أَنْ يُجَرِّحُوا شُهُودَنَا لِيُبْطِلُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَالْجَرْحُ بِهِمْ أَوْلَى، وَهُمْ زَنَادِقَةٌ» رواه الخطيب البغدادي في الكفاية (ص٤٩). (١٢)
فيا عبادَ اللهِ: أصحابُ النبيِّ ﷺ مصابيحُ الهدى في غسقِ الدُّجى.
أولئكَ آبائي فَجِئني بمثلِهِم
إذا جمعتْنا يا جريرُ المجامِعُ
اللَّهُمَّ انصرِ الإسلامَ وأعِزَّ المسلمينَ، وأهْلِكِ اليهودَ المجرمينَ، اللَّهُمَّ وأنزِلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونَجِّ عبادَكَ المستضعَفينَ، وارفعْ رايةَ الدِّينِ، بقوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.
اللّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورِنا، واجعل وِلايتَنا فيمن خافَكَ واتّقاكَ واتّبعَ رِضاك.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.