ننشر عبر منصّات مركز حصين المختلفة، الحلقة الأولى من برنامج "مفاهيم"، الذي يعدّه ويقدمه الشيخ بلال يوسف الداعية الإسلامي، بعنوان: "هل الإيمان في القلب فقط؟".
وذكر الشيخ بلال يوسف في حلقته الأولى، أن من العبارات التي يرددها كثير من الناس على ألسنتهم "الإيمان في القلب"، مشيرًا إلى بعض الأمثلة، كشخص منغمس في المعاصي فإذا نصحه ناصحٌ يقول: "الإيمان في القلب"، أو فتاة غير ملتزمة بالحجاب الشرعي، فإذا ذُكّرت به قالت: "الإيمان في القلب"، أو من يسمع من يقول: الصلاة في المسجد واجبة وهي خير من الصلاة في البيت، فيقول: "وما أدراك، لعل المصلّي في بيته أفضل لأن الإيمان في القلب"، مضيفًا: "هكذا يردد كثيرون هذه الكلمة ولا يعلمون أنها خطأ، وأن ما تُستخدم لأجله أيضًا خطأ".
وتساءل الداعية الإسلامي، كيف تكون هذه الكلمة خطأ؟، والقلب هو الأساس في الإيمان، وكذلك العبرة يوم القيامة بأن يأتي العبد ربه بقلب سليم؟، لا سيما وأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "التقوى ها هنا" وأشار بيده إلى صدره -صلى الله عليه وسلم-، مضيفًا: الجواب: لا ينازع مسلمٌ في أن أساس الإيمان في القلب، كما أن أساس الشجرة هو جذعها، فإذا زال الجذع زالت الشجرة، ولكن هل ينفع جذع الشجرة بلا أغصان أو أوراق أو ثمار؟، إن القلب للإيمان هو المحرّك الأساس، والمدير المتحكم في البدن، فأي قيمة للمحرك إذا لم ينتج الحركة؟، وما أهمية المدير إذا لم يدِر أمر البدن؟، ألسنا نقرأ في كلام الله سبحانه وتعالى اقتران العمل دائمًا مع الإيمان، يقول الله: "والذين آمنوا وعملوا الصالحات"، وقال سبحانه: "فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً"
وأكد، أن من أهم أصول العقيدة أن الإيمان اعتقاد وقول وعمل، وأن من زعم أن الإيمان في القلب فقط فقد خالف أصلًا من أصول العقيدة، وهذه قضيةٌ بدهيةٌ نعقلها ونقرّ بها، حتى في تعاملاتنا اليومية، وهي أن المعاني القلبية المدعّاة لا عبرة بها إذا لم تُترجم على أرض الواقع، فهل يتقبل الوالد من ولده دعوى أنه يحبّه إذا كان يعصيه ولا يطيعه؟، وهل يقبل أحد الزوجين من الآخر كلامه الجميل، إذا كان في الواقع لا يهتم به؟، وهل يقبل الصديق من صديقه دعوى الصداقة، إذا لم يقف معه عند الشدائد؟، والجواب: "لا" فالناس يعلمون جيدًا أن المشاعر لا تكون صادقة إلا إذا تُرجمت إلى أفعال، فكذلك جعل الله للإيمان ما يُثبت وجوده ويدلّل عليه وهي "الأعمال".
وأشار الشيخ بلال يوسف، إلى أن فضل بعض العبادات الظاهرة لا يعني أن يكون كل من عمل بها خيرًا من كل من لم يعمل بها، وخطورة بعض المعاصي لا يعني أن كل من ارتكبها هو شر ممن لم يرتكبها، وهذا كما نقول: إن استعمال الدخان مضر بالصحة، فلا يعني هذا أن كلّ مدخن هو أسوأ صحة من غير المدخن، ولا أن كل من لم يدخن فهو معافى من أي ضرر قد يصاب به مدخن، مشيرًا إلى أن الطاعات يدعو بعضها إلى بعض، وأن السيئات كذلك يدعو بعضها إلى بعض، فالمصلّي الخاطئ تنهاه صلاته عن خطيئته، والمحجبة المذنبة يعينها صلاح ظاهرها على إصلاح باطنها، وأما من يجاهر بالمعاصي فمجاهرته تُفسد باطنه، وتُضعف تعظيمه لله عز وجل، على ما فيها من وعيد له، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين".
واختتم بقوله: الخلاصة أن حصر الإيمان في القلب ليس صحيحًا، بل الصحيح أن الإيمان في القلب واللسان والجوارح، ومن أراد السعادة والنجاة فليحرص على الإيمان والعمل، ومن أخطأ بترك طاعة، أو فعل معصية فإنه يُؤمر بالمعروف، ويُنهى عن المنكر، كما علّمنا ربّنا سبحانه وتعالى، وكما علمنا نبيّنا صلى الله عليه وسلم.