خطبة (موقف المسلم من مُصاب إخوانه)

خطبة (موقف المسلم من مُصاب إخوانه)

عنوان الخطبة: موقف المسلم من مصاب إخوانه.

عناصر الخطبة:

١- الدنيا دار ابتلاء. 

٢- أهل الابتلاء هم أهل الإيمان.

٣- في مصاب بعض المسلمين ابتلاء لبقيّـتهم.

٤- كل مصاب يهُون عند مصاب الدّين. 

 

 

الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، ابْتَلَى عِبَادَهُ بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ تَمْحِيصًا وَتَطْهِيرًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه، أَرْسَلَهُ رَبُّهُ إِلَى الثَّقَلَيْنِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
 

أَمَّا بَعْد:

فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ‌حَقَّ ‌تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.


أَيُّهَا المُسْلِمُون:
 

لَا تَخْلُو الدُّنْيَا مِن المَصَائِبِ في الأَقدَار، وَلَا تَصْفُو مِنَ الأَحْزَانِ وَالأَكْدَار، فَهِيَ دَارُ الِابْتِلَاءِ وَالِاخْتِبَار، قَالَ تَعَالَى: الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا.
 

فَالدُّنْيَا مَطْبُوعَةٌ عَلَى التَّكدِيرِ وَالكَبَد، وَلَيْسَ فِيهَا رَاحَةٌ لِأَحَد، مَتَاعُهَا قَلِيلٌ زَائِف، وَنَعِيمُهَا مُتَحَوِّلٌ زَائِل، النَّاسُ فِيهَا بَيْنَ أَفْرَاحٍ وَأَتْرَاح، وَآمَالٍ وَآلَام، وَصِحَّةٍ وَعِلَّة، وَاجْتِمَاعٍ وَفُرْقَة، لَا يَسْلَمُ مِنْ نَكَدِهَا غَنِيٌّ وَلَا فَقِير، وَلَا كَبِيرٌ وَلَا صَغِير، وَلَا ملكٌ وَلَا أَجِير، قَالَ تَعَالَى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ وَالجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ.
 

عِبَادَ اللَّه:

النَّاسُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَا يَنْفَكُّونَ عَنِ البَلَاء، وَالبَلَاءُ يَرْفَعُ المُؤْمِنِينَ وَيُمَحِّصُهُمْ بِحَسَبِ إِيمَانِهِم، فَالمَرْءُ يُبْتَلَى عَلَى قَدْرِ إِيمَانِه، جَاءَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَيُّ النّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ فَقَال: «الأَنْبِيَاء، ثُمَّ الأَمْثَل، فَالأَمْثَل، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِه، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صَلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُه، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِه، فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْـرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَة» رَوَاهُ أَحْمَد.
 

لَقَدِ ابْتُلِيَ أَبُونَا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ بِالإِخْرَاجِ مِنَ الجَنَّة، فَتَابَ عَلَيْهِ رَبُّهُ وَغَفَرَ ذَنْبَه.
 

وَابْتُلِيَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَبِثَ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلا فِرَارًا * وَإنّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُم إِسْرَارًا، وَفِي آخِرِ الأَمْر، مَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل.
 

وَابْتُلِيَ خَلِيلُ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِصُنُوفِ الأَذَى وَالِابْتِلَاءَات، وَأُلْقِيَ فِي النَّارِ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنْهَا بِقَوْلِهِ لَهَا: يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ.
 

وَابْتُلِيَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأُلْقِيَ فِي الجُبّ، وَبِيعَ بِثَمَنٍ بَخْس، وَبَعْدَ ذَلِكَ أُدْخِلَ السِّجْن، كُلُّ ذَلِكَ لِحِكْمَةٍ أَرَادَهَا اللَّهُ وَاَللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَاَ يَعْلَمُونَ.
 

وَابْتُلِيَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِجَبَرُوتِ فِرْعَوْنَ وَطُغْيَانِه، فَأُلْقِيَ فِي اليَمّ، وَأُبْعِدَ عَنِ الأُمّ، وَأُخِيفَ فَخَرَجَ وَحِيدًا، لَيْسَ مَعَهُ طَعَامٌ وَلَا مَتَاعٌ، وَلِسَانُ حَالِهِ وَمَقَالِه: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ.
 

وَابْتُلِيَ يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ قَوْمِه، فَخَرَجَ مُغَاضِبًا، فَأَصَابَهُ مِن الغَمِّ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيم، فَالتَقَمَهُ الحُوت، فَنَجَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلّ، كَمَا قَال: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي المُؤْمِنِينَ.
 

وَابْتُلِيَ أَيُّوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَلَاءً شَدِيدًا، قَالَ تَعَالَى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ.
 

وَابْتُلِيَ عِيسَى عَلَيْهِ السّلَامُ بِأذَى الكَفَرَةِ حَتَّى أَرَادُوا قَتْلَهُ، فَرَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَعَصَمَهُ مِنْهُم.
 

وَنَبِيّنَا ﷺ اُبْتُلِيَ بِأَذِيَّةِ الكُفَّار، وَتَعَرَّضَ لِلتَّضْيِيقِ وَالحِصَار، وَأُوذِيَ فِي نَفْسِهِ وَعِرْضِهِ وَفَقَدَ وَلَدَهُ وَغَيْرِ ذَلِك، قَالَ ﷺ: «لَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُخَافُ أَحَد، وَلَقَدْ أُوذِيْتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُه.
 

فَمَنِ ابْتُلِيَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فَلْيَذْكُرْ بَلَاءَ هَؤُلَاءِ الأَخْيَارِ مِن النَّبِيِّين، وَلْيُحْسِن الظَّنَّ بِرَبِّ العَالَمِين، وَلْيَعْلَم أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى، وَأَنَّ أَمْرَ المُؤْمِنِ كُلَّهُ لَهُ خَيْر، وَأَنَّ اللَّهَ مَا ابْتَلَاهُ إِلَّا لِيُعْلِيَ دَرَجَتَهُ وَمَنْزِلَتَه، وَمَا مَنَعَهُ إِلَّا لِيُعْطِيَه، وَأَنَّ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْه، قَالَ ﷺ: «إِذَا سَبَقَتْ لِلْعَبْدِ مِنَ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِه، ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِه، ثُمَّ صَبَّرَهُ حَتَّى يُبْلِغَهُ المَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَد.
 

عِبَادَ اللَّه:

المُؤْمِنُونَ جَسَدٌ وَاحِد، وَفِي نُزُولِ البَلَاءِ وَحُلُولِهِ بِبَعْضِهِمْ ابْتِلَاءٌ لِلْبَقِيَّةِ مِنْهُمْ بِوَاجِبِهِمْ تُجَاهَ إِخْوَانِهِم، فَإِنَّ مُصَابَ بَعْضِ الجَسَدِ مُصَابٌ لِجَمِيعِه، وَمُصَابَ الأُسْرَةِ الوَاحِدَةِ مُصَابُ كُلِّ فَرْدٍ مِنْهُم، مَهْمَا تَنَوَّعَتْ أَمْصَارُهُمْ وَابْتَعَدَتْ أَقْطَارُهُم، قَالَ ﷺ: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالحُمَّى وَالسَّهَرِ» رَوَاهُ مُسْلِم.

وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ أَعْظَمَ الرَّوَابِطِ الدِّينِيَّةِ وَأَجَلَّ اللُّحْمَاتِ الأَخَوِيَّة هِيَ أُخُوَّةُ الدِّينِ وَالإِيمَان، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ مُبَيّنًا هَذِهِ الحَقِيقَة: وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَقَالَ سُبْحَانَه: إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ، فَالمُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحقِرُه، بَلْ يَفْرَحُ لِفَرَحِه، وَيَحْزَنُ لِحُزْنِه، وَيَتَأَلَّمُ لِأَلَمِه.

فَفِي مُصَابِ المُسْلِمِينَ تَذْكِرَةٌ بِهَذِهِ الرَّابِطَةِ القَوِيَّة، وَإِحْيَاءٌ لِهَذِهِ اللُّحْمَةِ الدِّينِيَّة، وَاخْتِبَارٌ لِلْمُوَالَاةِ الإِيمَانِيَّة، فَالرَّبُّ وَاحِدٌ، وَالنَّبِيُّ وَاحِدٌ، وَالدِّينُ وَاحِد، قَالَ ﷺ: «المُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُم؛ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُم، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

فَمَتَى ابتُلِيَ بَعْضُ المُؤْمِنِينَ بِبَلِيَّة، وَجَبَ عَلَى سَائِرِهِمْ أَنْ يَقِفُوا مَعَهُم، وَيُسَانِدُوهُم، وَيُسَاعِدُوهُم، كُلٌّ عَلَى حَسَبِ قُدْرَتِه، حَتَّى تَحْصُلَ الكِفَايَةُ بِذَلِك، وَمِنْ أَعْظَمِ المُسَاعَدَةِ دُعَاءُ اللَّهِ لَهُم، وَمَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ المُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ مِنْهُم.

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ وَالسُّنَّة، وَنَفَعنَا بِمَا فِيهِمَا مِنْ الآيَاتِ وَالحِكْمَة، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوه، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.


 

الخطبة الثانية

الحَمْدُ لِلَّه، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّه، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاه، وَبَعْد:
 

عِبَادَ اللَّهِ:

أَعْظَمُ الِابْتِلَاءَاتِ وَالمَصَائِبِ الَّتِي تَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ هِيَ الَّتِي تُؤثِّر فِي دِينِهِ وَعَقِيدَتِه، وَكُلُّ مُصَابٍ -مَهْمَا عَظُمَ- فَإِنّهُ يَهُونُ أَمَامَ المُصِيبَةِ فِي الدِّين، فَمُصِيبَةُ اخْتِلَالِ الدِّينِ وَفَقْدِهِ هِيَ الخَسَارَةُ الكُبْرَى وَالرَّزِيَّةُ العُظْمَى، وَقَدْ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ.

يَقُولُ شُرَيْحٌ القَاضِي: «إِنِّي لَأُصَابُ بِالمُصِيبَةِ فَأَحْمَدُ اللَّهَ عَلَيْهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَأَشْكُرُه: إِذْ لَمْ تَكُنْ أَعْظَمَ مِمَّا هِي، وَإِذْ رَزَقَنِي الصَّبْرَ عَلَيْهَا، وَإِذْ وَفَّقَنِي الِاسْتِرْجَاعَ لِمَا أَرْجُوهُ فِيهِ مِن الثَّوَاب، وَإِذْ لَمْ يَجْعَلْهَا فِي دِينِي».
 

 وَإِذَا كَانَ المُسْلِمُ يَتَأَلَّمُ لِمُصَابِ إِخْوَانِهِ وَيَحْزَنُ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ مَا يَمُرُّونَ بِه، فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَشْعِرَ خُطُورَةَ مَا يُرَادُ بِدِينِهِمْ مِنْ تَغْيِيرٍ وَتَزْيِيف، وَتَبْدِيلٍ وَتَحْرِيف، وَمَا يَتَعَرَّضُونَ لَهُ مِنْ فِتَنٍ وَشَهَوَات، وَتَشْكِيكَاتٍ وَشُبُهَات، فَيَتَوَاصَى مَعَهُمْ بِالحَقِّ وَالإِسْلَام، وَيَتَوَاصَى بِالصَّبْرِ وَالثَّبَاتِ عَلَى الإِيمَان، وَيَسْعَى مَعَهُمْ فِي دَفْعِ كُلِّ مَا يُنَاقِضُ الدِّين، وَيُنْكِرُ كُلَّ مَا يُغْضِبُ رَبَّ العَالَمِين، وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ عَدَّ إِمَاطَةَ الأَذَى مِنْ طَرِيقِ المُسْلِمِينَ مِنْ شُعَبِ الإِيمَان، فَكَيْفَ بِإِمَاطَةِ أَذَى الفِتَنِ مِنْ طَرِيقِهِم.
 

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى المَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِين، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

اللَّهُمَّ اكْشِفِ الضُّرَّ عَنْ إِخْوَانِنَا المُسْلِمِين، اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَاهُمْ وَدَاوِ جَرْحَاهُم، وَارْحَمْ مَوْتَاهُم، وَعَافِ مُبْتَلَاهُم، اللَّهُمَّ اهْدِ ضَالَّهُم، اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيك، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَك، وَمِن اليَقِينِ مَا تُهَّوِنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا، اللَّهُمّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار.

عِبَادَ اللَّه: اُذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين.

 

شارك المحتوى: