عنوان الخطبة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. خيرية ومسؤولية
عناصر الخطبة:
١-خيرية الأمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
٢- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب الأمة جميعا.
٣- أنواع المنكرات التي يجب النهي عنها.
٤- شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
٥- خطورة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي كُلِّ زَمَانِ فَترَةٍ مِنَ الرُّسُلِ بَقَايَا مِن أَهلِ العِلم، يَدعُونَ مَن ضَلَّ إِلَى الهُدَى، وَيَصبِرُونَ مِنهُم عَلَى الأَذَى، يُحيُونَ بِكِتَابِ اللهِ المَوتَى، وَيُبَصِّرُونَ بِنُورِ اللهِ أَهلَ العَمَى، فَكَمْ مِن قَتِيلٍ لِإِبلِيسَ قَد أَحيَوه، وَكَم مِن ضَالٍّ تَائِهٍ قَد هَدَوه، يَنفُونَ عَن كِتَابِ اللهِ تَحرِيفَ الغَالِين، وَانتِحَالَ المُبطِلِين، وَتَأوِيلَ الجَاهِلِين. وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَلِيُّ المُتَّقِين، وَنَاصِرُ المُؤمِنِين، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُه، الصَّادِقُ الأَمِين، وَالنَّذِيرُ المُبِين، صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ وَمَنِ اقتَفَى أَثَرَهُم إِلَى يَومِ الدِّين، أَمّا بَعد:
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنّجوَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسلِمُونَ.
أَيُّهَا المُسلِمُون:
أَرسَلَ اللَّهُ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا ﷺ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقّ، وَجَعَلَهُ خَاتَمَ رُسُلِهِ وَأَنبِيَائِه، وَتَكَفَّلَ بِحِفظِ دِينِهِ وَكِتَابِه، وَلِأَجلِ ذَلِكَ أَبقَى فِي أُمَّةِ الإِسلَامِ طَائِفَةً بِهِم يَبقَى نُورُ الحَقِّ ظَاهِرًا مَنشُورًا، وَعَلَمُ الهُدَى شَامِخًا مَشهُورًا، كَمَا قَالَ ﷺ: «لَاَ يَزَالُ مِن أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمرِ اللَّه، مَا يَضُرُّهُم مَن كَذَّبَهُم وَلَاَ مَن خَالَفَهُم، حَتَّى يَأتِيَ أَمرُ اللهِ وَهُم عَلَى ذَلِك» مُتَّفَقٌ عَلَيه.
فَقِيَامُ هَذِهِ الطَّائِفَةِ بِالحَقّ، هُوَ بِصَدعِهَا بِهِ فِي كُلِّ حِين، وَبَيَانِهِ لِلنَّاسِ دُونَ خَوفِ اللَّائِمِين، أَو تَأَثُّرٍ بِالمُخَالِفِينَ وَالمُخَذِّلِين، بَل هُمُ القَائِمُونَ بِنُصحِ عِبَادِ اللَّه، وَالأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَن المُنكَرِ عَلَى مَا يُحِبُّهُ اللَّه.
إِنّ الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ أَصلٌ عَظِيمٌ مِن أُصُولِ الإِسلَام، وَشَعِيرَةٌ جَلِيلَةٌ مِن شَعَائِرِهِ العِظَام، وَهُوَ مِن أَوجَبِ الأَعمَالِ وَأَجَلِّهَا، وَأَحسَنِهَا وَأَفضَلِهَا، وَهُوَ مِن أَعظَمِ أَسبَابِ النَّصرِ وَالتَّمكِين، بِهِ تُحمَى حَوزَةُ الدِّين، وَتَقُومُ الحُجَّةُ عَلَى المُخَالِفِين، وَهُوَ الأَمَانُ مِن العَذَابِ وَالِاندِثَار، وَبِهِ تُدْرَأُ كَثِيرٌ مِن الشُّرُورِ وَالأَخطَار.
الأَمرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ مِن خَصَائِصِ هَذِهِ الأُمَّةِ المُبَارَكَة، وَمِن أَعظَمِ أَسبَابِ خَيرِيَّتِهَا، قَالَ تَعَالَى: كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللهِ. وَهُوَ صِفَةُ خَيرِ الرُّسُلِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللهِ ﷺ، كَمَا وَصَفَهُ رَبُّهُ بِهِ فَقَال: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكتُوبًا عِندَهُم فِي التَّورَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعرُوفِ وَيَنهَاهُم عَنِ المُنكَرِ، وَهُوَ وَصفُ أَتبَاعِهِ المُؤمِنِين، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، المُتَصَدِّرُونَ لَهُ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ هُم أَهلُ الفَلَاحِ الأَكمَل، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلْتَكُن مِنكُم أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيرِ وَيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ.
عِبَادَ اللَّه:
إِنّ الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَالنّهيَ عَن المُنكَرِ مِن أَهَمِّ المُهِمَّات، وَأَعظَمِ الوَاجِبَات، وَهُوَ وَظِيفَةُ كُلِّ مُسلِم، لَيسَ خَاصًّا بِرِجَالِ الحِسبَة، أَو الهَيئَاتِ الخَاصَّة، أَو الشُّيُوخِ وَالعُلَمَاء، بَل كُلُّ فَردٍ مِن المُسلِمِينَ مُطَالَبٌ بِهِ عَلَى حَسبِ قُدرَتِه، وَيَتَأَكَّدُ الأَمرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيُ عَن المُنكَرِ حِينَ يَعُمُّ الفَسَادُ وَيَكثُر، وَحِينَ يَقِلُّ القَائِمُونَ بِه.
فَكُلُّ مَن سَمِعَ بِالمُنكَرِ أَو عَلِمَ بِهِ أَو رَآهُ وَجَبَ عَلَيهِ إِنكَارُهُ بِقَلبِهِ وَلَا بُدّ، فَإِن كَانَت لَهُ مَقدِرَةٌ عَلَى تَغيِيرِهِ بِيَدِهِ وَجَبَ عَلَيهِ ذَلِك، فَإِن لَم يَستَطِع وَقَدَرَ عَلَى تَغيِيرِهِ بِلِسَانِهِ وَجَبَ عَلَيهِ ذَلِك، قَالَ ﷺ: «مَنْ رَأَى مِنكُم مُنكَرًا فَليُغَيّرْهُ بِيَدِه، فَإِن لَم يَستَطِعْ فَبِلِسَانِه، فَإِن لَم يَستَطِعْ فَبِقَلبِه، وَذَلِكَ أَضعَفُ الإِيمَان» رَوَاهُ مُسلِم.
إِخوَةَ الإِسلَام:
إِنَّ أَعظَمَ مَا يَجِبُ إِعلَانُ النَّكِيرِ عَلَيه، الكُفرُ بِاللهِ وَالإِشرَاكُ بِه، فَإِنَّ الكُفرَ أَعظَمُ الفَسَاد، وَأَبشَعُ الجَرَائِم، وَأَخطَرُ المُنكَرَات، وَمَا المَعَاصِي وَالذُّنُوبُ إِلَّا شُعَبٌ مِنهُ وَفُرُوعٌ لَه.
فَأَيُّ مُنكَرٍ أَعظَمُ مِن أَن يُجحَدَ حَقُّ اللهِ فِي عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِه، أَو أَن يُجعَلَ لَهُ شَرِيكٌ فِي إِلَهِيّتِهِ وَعَظَمَتِهِ؟ وَقَد جَاءَ الأَنبِيَاءُ كُلُّهُم يَنهَونَ عَن هَذَا المُنكَر: وَلَقَد بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعبُدُوا اللَّهَ وَاجتَنِبُوا الطَّاغُوتَ.
وَمِن المُنكَرَاتِ الشَّنِيعَة، مُوَالَاةُ أَعدَاءِ اللَّه، وَهُجرَانُ الصَّلَاة، وَالمُجَاهَرَةُ بِالفَوَاحِشِ والزِّنَا، وَالتَّعَامُلُ بِالرِّبَا، وَظُلمُ العِبَاد، وَغَيرُهَا مِن المُوبِقَاتِ العِظَام، كُلُّهَا يَجِبُ إِعلَانُ النَّكِيرِ عَلَيهَا، وَعَدَمُ السُّكُوتِ عَنهَا.
عِبَادَ الله:
إِنَّ لِلأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ شُرُوطًا لَا بُدَّ مِن تَوَفُّرِهَا، وَآدَابًا يَنبَغِي الأَخذُ بِهَا، فَمِن ذَلِك:
الإِخلَاصُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين: بِأَن يَكُونَ الآمِرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّاهِي عَن المُنكَرِ مُخلِصًا لِلَّه، طَالِبًا لِرِضَاه، فَيُرِيدُ بِأَمرِهِ بِالمَعرُوفِ وَنَهيِهِ عَن المُنكَرِ وَجهَ الله، وَالنُّصحَ لِلمُسلِمِين، وَنُصرَةَ دِينِ رَبِّ العَالَمِين، لَا احتِقَارَ المَنصُوحِينَ وَازدِرَاءَهُم وَالتَّعَالِيَ عَلَيهِم.
وَمِن شُرُوطِه: أَن يَكُونَ أَمرُهُ بِالمَعرُوفِ وَنَهيُهُ عَن المُنكَرِ بِعِلمٍ وَفِقه: فَلَا بُدَّ لَهُ أَن يَكُونَ عَالِمًا بِالحُكمِ الشَّرعِيِّ لِمَا يَأمُرُ بِهِ أَو يَنهَى عَنه، وَبِالطَّرِيقَةِ المُنَاسِبَةِ لِذَلِك، فَمَن دَخَلَ فِي هَذَا البَابِ بِغَيرِ عِلم، كَانَ مَا يُفسِدُ أَكثَرَ مِمّا يُصلِح.
وَمِن شُرُوطِه: أَن يَكُونَ ذَلِكَ بِحِلمٍ وَرِفق، لَا بِطَيشٍ وَعُنف، فَإِنَّ القَصدَ زَوَالُ المُنكَرِ أَو تَقلِيلُه، لَا أَن يَنشَأَ عَنهُ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنهُ وَأَشَرّ.
وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى النَّاهِي عَن المُنكَرِ أَن يَتَحَقَّقَ مِن وُقُوعِ ذَلِكَ المُنكَرِ وَظُهُورِهِ لَه، فَلَا يُنَقِّبَ عَمَّا خَفِيَ مِن أَحوَالِ النَّاس، وَلَا يَتَجَسَّسَ عَلَيهِم وَيَكشِفَ المَستُورَ مِنهُم.
وَمِمّا يَنبَغِي أَن يَتَحَلَّى بِهِ الآمِرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّاهِي عَن المُنكَرِ الصَّبرُ عَلَى الأَذَى، فَإِنَّ أَهلَ المُنكَرِ لَا يُحِبُّونَ مَن يُنكِرُ عَلَيهِم وَيَمنَعُهُم مِن أَهوَائِهِم، وَقَد يُؤذُونَهُ بِأَلسِنَتِهِم أَو بِأَيدِيهِم، فَيَحتَاجُ العَبدُ فِي ذَلِكَ إِلَى صَبرٍ فِي أَمرِهِم وَنَهيِهِم، وَصَبرٍ عَلَى أَذَاهُم وَبَغيِهِم، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَأْمُرْ بِالمَعرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِن عَزْمِ الأُمُور.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ وَالسُّنَّة، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِن الآيَاتِ وَالحِكمَة، أَقُولُ قَولِي هَذَا، وَأَستَغفِرُ الله لِي وَلَكُم وَلِسَائِرِ المُسلِمِينَ مِن كُلِّ ذَنبٍ فَاستَغفِرُوه، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبة الثانية
الحَمدُ لِلَّه، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّه، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَمَن وَالَاه، وَبَعد:
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللهِ وَرَاقِبُوه، وَأَطِيعُوهُ وَلَا تَعصُوه.
عِبَادَ اللَّه:
إِنَّ فِي شَعِيرَةِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَن المُنكَرِ النَّجَاةَ مِن العَذَاب، وَالأَمَنَةَ مِن الهَلَاك، وَلَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيرٍ مَا حَافَظُوا عَلَى هَذِهِ الشَّعِيرَةِ وَقَامُوا بِهَا، وَتَعَاوَنُوا عَلَيهَا وَأَشَاعُوهَا بَينَهُم، وَإِنَّ مِن أَخطَرِ تَبِعَاتِ تَركِ ذَلِك:
فُشُوَّ الفَوَاحِشِ وَالمُنكَرَاتِ بَينَ النَّاسِ وَكَثرَتَهَا، وَكَيفَ لَا تَكثُر، وَلَيسَ هُنَاكَ مَن يَكفِي لِلأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَن المُنكَرِ؟ كَيفَ لَا تَكثُرُ وَأَكثَرُ النّاسِ رَاضُونَ بِهَا سَاكِتُونَ عَنهَا؟ وَهَل هَلَكَتِ الأُمَمُ السَّابِقَةُ إِلَّا بِفُشُوِّ الفَسَادِ وَقِلَّةِ النَّاصِحِينَ فِيهِم؟ قَالَ تَعَالَى: فَلَولَا كَانَ مِنَ القُرُونِ مِن قَبلِكُم أُولُو بَقِيَّةٍ يَنهَونَ عَنِ الفَسَادِ فِي الأَرضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّن أَنجَينَا مِنهُم.
وَمِن تَبِعَاتِ تَركِ هَذِهِ الشَّعِيرَة: أَنَّهُ مُؤذِنٌ بِخَرَابِ الدِّيَار، وَهَلَاكِ الـمُجتَمَعَات، وَفَسَادِ الأَحوَال، رَوَى البُخَارِيُّ عَن النَّبِيِّ ﷺ قَال: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَومٍ استَهَمُوا عَلَى سَفِينَة، فَأَصَابَ بَعضُهُم أَعلاَهَا وَبَعضُهُم أَسفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسفَلِهَا إِذَا استَقَوا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَن فَوقَهُم، فَقَالُوا: لَو أَنَّا خَرَقنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَم نُؤذِ مَن فَوقَنَا، فَإِن يَتركُوهُم وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِن أَخَذُوا عَلَى أَيدِيهِم نَجَوا، وَنَجَوا جَمِيعًا».
وَمِن تَبِعَاتِ تَركِ هَذِهِ الشَّعِيرَة: أَنَّهُ مُوجِبٌ لِسَخَطِ اللهِ وَلَعنَتِهِ وَعِقَابِه، فَقَد استَحَقَّ بَنُو إِسرَائِيلَ اللَّعنَ لـِتَـركِهِمُ التَّنَاهِيَ عَن المُنكَر، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابنِ مَريَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَكَانُوا يَعتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَونَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئسَ مَا كَانُوا يَفعَلُونَ.
وَقَالَ ﷺ: «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَم يَأخُذُوا عَلَى يَدَيه، أَوشَكَ أَن يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَاب» رَوَاهُ التِّرمِذِيّ.
وَمِن تَبِعَاتِ تَركِ هَذِهِ الشَّعِيرَة: أَنَّهُ سَبَبٌ لِمَنعِ إِجَابَةِ الدُّعَاء، قَالَ ﷺ: «وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَتَأمُرُنَّ بِالمَعرُوفِ وَلَتَنهَوُنَّ عَنِ المُنكَرِ أَو لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَن يَبعَثَ عَلَيكُم عِقَابًا مِنهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَاَ يُستَجَابُ لَكُم» رَوَاهُ التِّرمِذِيّ.
فَلْنَحذَر -عِبَادَ اللهِ- غَضَبَ الجَبَّارِ وَعِقَابَه، وَلْنَأمُرْ بِالمَعرُوف، وَلْنَنْهَ عَنِ المُنكَر، وَلْنَعتَصِمْ بِدِينِنَا، عَسَانا بِإِذنِ اللهِ نَنجُو وَنَسلَم.
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعَالَمِين، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِين.
اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَينَا الإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَينَا الكُفرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصيَان، اللَّهُمّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن مُنكَرَاتِ الأَخلَاقِ وَالأَهوَاءِ وَالأَدوَاء، اللَّهُمَّ وَفِّقِ الآمِرِينَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّاهِينَ عَن المُنكَرِ لِكُلِّ خَير، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقوَى. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار.
عِبَادَ اللَّه: اُذكُرُوا اللَّهَ ذِكرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلا، وَآخِرُ دَعوَانا أَنِ الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين.