عنوان الخطبة: مغفرة الذنوب أعظم مطلوب
عناصر الخطبة:
١- حرص النبي ﷺ على الاستغفار، وأمْره به أحبّ الناس إليه.
٢- سبب كون مغفرة الذنوب أعظم مطلوب.
٣- حال المؤمن مع الذنب.
٤- أثر مغفرة الذنوب على العبد في الدنيا والآخرة.
٥- رمضان.. موسم التطهّر من الذنوب.
٦- الدعوات المأثورة للاستغفار من الذنوب.
الحَمدُ لِلَّهِ غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوبِ شَدِيدِ العِقَابِ، وَأَشهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ إِلَيهِ الـمَآبُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ كَثِيرُ المَتَابِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أُولِي الفَضلِ وَالآدَابِ، أَمَّا بَعدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ حَقَّ التَّقوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجوَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسلِمُونَ.
عِبادَ الله:
سَأَلَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنها رَسُولَ اللهِ ﷺ عَن دُعَاءٍ تَدعُو بِهِ فِي أَفضَلِ لَيَالِي السَّنَةِ عَلَى الإطلَاقِ، وَهِيَ لَيلَةُ القَدرِ، فَأَرشَدَهَا أَن تَقُولَ: (اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنِّي)، فَأَمَرَهَا بِطَلَبِ العَفوِ عَنِ الذُّنُوبِ، وَهِيَ الصِّدِّيقَةُ بِنتُ الصِّدِّيقِ، وَالمُبَشَّرَةُ بِالجَنَّةِ، وَأَحَبُّ نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَيهِ.
بَل جَاءَ أَبُوهَا أَبُو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، مُلتَمِسًا مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَن يُعَلِّمَهُ دُعَاءً يَدعُو بِهِ فِي صَلَاتِهِ، حَيثُ يَكُونُ أَقرَبَ مَا يَكُونُ مِن رَبِّهِ، فَأَمَرَهُ بِالِاستِغفَارِ مِن ذُنُوبِهِ، وَذَلِكَ بِأَن يَقُولَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمتُ نَفسِي ظُلمًا كَثِيرًا، وَلا يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنتَ، فَاغفِر لِي مَغفِرَةً مِن عِندِكَ وَارحَمنِي، إِنَّكَ أَنتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ)، فَأَرشَدَهُ إِلَى الِاستِغفَارِ، وَهُوَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأَفضَلُ الأُمَّةِ بَعدَ نَبِيِّهَا عَلَى الإِطلاق، وَالمُبَشَّرُ بِالجَنَّةِ.
بَل أَعظَمُ مِن هَذَا كُلِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ -وَقَد غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ- كَانَ يَستَغفِرُ اللَّهَ فِي اليَومِ أَكثَرَ مِن سَبعِينَ مَرَّةً، وَفِي رِوَايَةٍ: مِائَةَ مَرَّةٍ، بَل كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُم يَعُدُّونَ لَهُ فِي المَجلِسِ الوَاحِدِ أَنَّهُ يَقُولُ: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الغَفُورُ) مِائَةَ مَرَّةٍ.
وَهذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غُفرَانَ الذُّنُوبِ أَعظَمُ المَطَالِبِ، لأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَلَّمَ الدُّعَاءَ بِهِ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيهِ، وَكَانَ هُوَ بِنَفسِهِ يُوَاظِبُ عَلَيهِ ﷺ، فَمَا السِّرُّ فِي ذَلِكَ؟
اعلَم -أَخِي المُوَفَّقُ- أَنَّ الِاِستِغفَارَ لَا يَكُونُ مِنَ الذَّنبِ الوَاضِحِ الصَّرِيحِ فَحَسبُ، بَل يَكُونُ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ الظَّاهِرَةِ وَالخَفِيَّةِ، وَمِن ذَلِكَ ذُنُوبُ القَلبِ الخَفِيَّةِ: كَالعُجبِ وَالرِّيَاءِ وَالسُّمعَةِ، وَسُوءِ الظَّنِّ بِاللَّهِ، وَالحَسَدِ وَالكِبرِ، وَضَعفِ الإِخلَاصِ وَاليَقِينِ وَالتَّوَكُّلِ، وَمَا أَشَدَّ غَفلَتَنَا عَن ذُنُوبِ قُلُوبِنَا؟!
وَيَكُونُ الِاستِغفَارُ كَذَلِكَ مِن التَقصِيرِ فِي أَدَاءِ شُكرِ نِعَمِ اللَّهِ العَظِيمَةِ الَّتِي أَنعَمَ بِهَا عَلَى الإِنسَانِ، وَمَن ذَا الَّذِي يُطِيقُ شُكرَ نِعَمِ اللَّهِ كُلِّهَا وَهُوَ لَا يُطِيقُ إِحصَاءَهَا؟!
وَيَكُونُ الِاستِغفَارُ كَذَلِكَ مِن عَدَمِ تَقدِيرِ اللَّهِ حَقَّ قَدرِهِ، وَعَدَمِ تَعْظِيمِهِ حَقَّ تَعْظِيمِهِ، وَعَدَمِ مُرَاقَبَتِهِ حَقَّ مُرَاقَبَتِهِ، وَكُلُّنَا مُقصِّرٌ فِي هَذَا أَشَدَّ التَّقصِيرِ.
ثُمَّ اعْلَمْ، أَخِي الـمُبَارَك، أنّ كُلَّ ابنِ آدَم خَطَّاءٌ، وَأَنتَ لا تُحصِي ذُنُوبَكَ:
إمَّا لأنَّكَ لَم تَشعُرْ أصلًا أنَّكَ أَذَنَبتَ، بَل قُلتَ كَلِمَةً فَلَم تُلقِ لَهَا بالًا، أَو فَعَلتَ فِعلًا لَم تَرفَع بِهِ رَأسًا وَهُوَ عِندَ اللهِ عَظِيم.
وَإِمَّا أنَّكَ شَعَرتَ بِالذَّنبِ، لَكِنَّكَ لَم تُدرِكْ حَجمَ ذَنبِكَ وَعِظَمَ جُرمِهِ، بَل رَأَيتَهُ هَيِّنًا.
وَإِمَّا أَنَّكَ شَعَرتَ بِهِ وَعَرَفتَ عَظَمَتَهُ، لَكِنَّكَ نَسِيتَ بَعدَ ذَلِكَ مَا وَقَعَ مِنكَ، كَمَا قَالَ سُبحَانَهُ: أَحصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ.
والغَفلَةُ عَنِ الذَّنبِ وَاحتِقَارُهُ وَنِسيَانُهُ، ذُنُوبٌ أُخرَى مُضَافَةٌ، فَكَيفَ يُكُونُ الخَلاصُ مِن هَذَا كُلِّه؟.
أَخي الموفَّقُ:
إِنَّ حَالَ المُؤمِنِ مَعَ الذَّنبِ هُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَو ظَلَمُوا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللَّهَ فَاستَغفَرُوا لِذُنُوبِهِم وَمَنْ يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَم يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُم يَعلَمُونَ، ثُمَّ ذَكَرَ جَزَاءَهُم فَقَالَ: ُولَئِكَ جَزَاؤُهُم مَغفِرَةٌ مِن رَبِّهِم وَجَنَّاتٌ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعمَ أَجرُ العَامِلِينَ.
عَبْدَ الله:
إِنَّ مِن عَلَامَاتِ صِحَّةِ القَلبِ وَحَيَاتِهِ أَن يَشعُرَ بِالذَّنبِ وَيَعتَرِفَ بِهِ، وَمِن عَلَامَاتِ مَرَضِهِ وَغَفلَتِهِ أَلَّا يُحِسَّ بِالذَّنبِ وَلَا يَبَالِيَ بِهِ، يَقُولُ ابنُ مَسعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: (إِنَّ المُؤمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَن يَقَعَ عَلَيهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنفِهِ، فَقَالَ بِهِ هَكَذَا) يَعنِي: أَبعَدَهُ بِيَدِهِ غَيرَ مُبَالٍ بِهِ.
فَكُن بَصِيرًا بِخَفَايَا ذُنُوبِكَ، عَارِفًا بِدَقَائِقِ عُيُوبِكَ، وَلَا سَبِيلَ لَكَ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا أَن تُفَتِّشَ قَلبَكَ فِي قَصدِهِ وَإِرَادَاتِهِ، وَتُحَاسِبَ نَفسَكَ فِي أَقوَالِكَ وَأَفعَالِكَ، ثُمَّ تَبقَى خَائِفًا مِن آثَارِ ذُنُوبِكَ عَلَيكَ، وَجِلًا مِن أَن تَكُونَ عَقَبَةً مَانِعَةً لَكَ مِن الوُصُولِ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى التَّلَذُّذِ بِعِبَادَتِهِ، وَالأُنسِ بِقُربِهِ، وَالفَرَحِ بِهِ، وَالشَّوقِ إِلَى لِقَائِهِ، فَتُحدِثَ تَوبَةً نَصُوحًا لِرَبِّكَ مِن كُلِّ ذَنبٍ اقتَرَفتَهُ، وَخَطِيئَةٍ ارتَكَبتَهَا، فيَلهَجَ لِسَانُكَ بِالِاِستِغفَارِ، وَيَعكُفَ قَلبُكَ عَلَى التَّوبَةِ.
أَخِي الـمُبَارَك:
اِعْلَم أَنَّ الذُّنُوبَ أَصلُ جَمِيعِ الشُّرُورِ، فَهِيَ سَبَبُ حِرمَانِ الرِّزقِ، وَالتَّوفِيقِ، وَالهِدَايَةِ، وَالعِلمِ، وَالتَّوبَةِ، وَرِضَا اللهِ، وَالجَنَّةِ، وَجَمِيعِ نِعَمِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ. وَهِيَ سَبَبُ الخُذلَانِ، وَمَحقِ البَرَكَةِ، وَبُغضِ الخَلقِ، وَفَسَادِ الحَالِ، وَحُلُولِ البَلَايَا، وَتَسَلُّطِ الأَعدَاءِ، وَانتِكَاسِ الفِطرَةِ، وَدُخُولِ النَّارِ، وَجَمِيعِ عُقُوبَاتِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ.
فَإِذَا عَفَا اللهُ عَنكَ وَغَفَرَ لَكَ، انفَتَحَتْ لَكَ كُلُّ أَبوَابِ الخَيرِ، وَانسَدَّتْ عَنكَ كُلُّ أَبوَابِ الشَّرِّ، وَعُدتَ طَاهِرًا نَقِيًّا كَيَومِ وَلَدتَكَ أُمُّكَ، فَلا تَدَعُو بِدَعوَةٍ إِلاَّ استُجِيبَتْ، وَلا تَعمَلُ بِطَاعَةٍ إِلاَّ قُبِلَتْ، وَيَصِيرُ بَينَكَ وَبَينَ المَعَاصِي وَحشَةٌ، وَبَينَكَ وَبَينَ الطَّاعَةِ أُلفَةٌ وَرَغبَةٌ وَأَنسٌ وَمَوَدَّةٌ، وَهَذَا غَايَةُ المُطَالَبِ، وَأَسمَى الدَّرَجَات.
عَبْدَ الله:
هَا نَحنُ فِي أَيَّامِ مَغفِرَةِ السَّيِّئَاتِ، وَشَهرِ التَّوبَةِ وَالرَّحَمَاتِ، حَيثُ تُفَتَّحُ أَبوَابُ الجَنَّةِ، وتُغَلَّقُ أَبوَابُ جَهَنَّمَ، فَأَقْبِلْ عَلَى الِاستِغفَارِ بِقَلبِكَ وَلِسَانِكَ، وَانطَرِح بَينَ يَدَيِ اللَّهِ بَاكِيًا نَادِمًا، وَوَجِلاً مُشفِقًا، وَاستَغفِرهُ استِغفَارَ مَن يَعلَمُ أَنَّهُ لَا نَجَاةَ لَهُ إِلَّا بِمَغفِرَةِ اللهِ لِذُنُوبِهِ، تَفضُلًا مِنهُ وَرَحمَةً وَامتِنَانًا.
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ قَولِي هَذَا، وَأَستَغفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُم، فَيَا فَوزَ المُستَغفِرِينَ.
الخطبة الثانية
الحَمدُ لِلَّهِ وَحدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَن لَا نَبِيَّ بَعدَهُ، وَبَعدُ:
أَخِي في الله:
احرِصْ عَلَى الِاستِغفَارِ بِالصِّيغِ الوَارِدَةِ فِي القُرآنِ وَالسُّنَّةِ، فَهِيَ تَجمَعُ لَكَ بَينَ تَعظِيمِكَ لِرَبِّكَ، وَالخُضُوعِ لَهُ، وَالِاعتِرَافِ بِنِعمَتِهِ عَلَيكَ، وَالِاعتِرَافِ بِتَقصِيرِكَ فِي حَقِّهِ.
فَمِن تِلكَ الصِّيغِ: مَا تَلَقَّاهُ أَبُونَا آدَمُ عَلَيهِ السَّلَامُ مِن رَبِّهِ حِينَ عَصَى بِالأَكلِ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَهُوَ قَولُهُ: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَم تَغفِرْ لَنَا وَتَرحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ
وَمِن تِلكَ الصِّيغِ مَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ ﷺ سَيِّدَ الاِستِغفَارِ، وَهُوَ قَولُك: (اللَّهُمَّ أَنتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهدِكَ وَوَعدِكَ مَا استَطَعتُ، أَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا صَنَعتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ بِذَنبِي، فَاغفِر لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنتَ). أَخرَجَهُ البُخَاري.
وَمِنهَا مَا كَانَ يُوَاظِبُ عَلَيهِ النَّبِيُّ ﷺ فِي مَجَالِسِهِ، وَهُوَ قَولُهُ: (رَبِّ اغفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الغَفُورُ). أَخرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَأَحمَد.
وَمِنهَا مَا أَرشَدَ النَّبِيُّ ﷺ صِدِّيقَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَن يَدعُوَ بِهِ فِي صَلَاتِهِ، وَهُوَ أَن يَقُولَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفسِي ظُلمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنتَ، فَاغفِرْ لِي مَغفِرَةً مِن عِندِكَ وَارحَمْنِي، إِنَّكَ أَنتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ). أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمُ.
وَمِنهَا مَا أَرشَدَ النَّبِيُّ ﷺ حَبِيبَتَهُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهَا أَن تَدعُوَ بِهِ إِن وَافَقَتْ لَيلَةَ القَدرِ، وَهُوَ أَن تَقُولَ: (اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنِّي). أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ وَأَحمَد، وَهُوَ أَهمُّ هَذِهِ الصِّيَغِ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي المُبَارَكَاتِ.
فَاحفَظ مِن هَذِهِ الصِّيَغِ مَا استَطَعتَ، وَاجعَلْ لِسَانَكَ رَطبًا بِهِ، وَقَلبَكَ مُستَحضِرًا لِمَعَانِيهِ، تَنَلْ خَيرًا كَثِيرًا فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ.
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ.
اللهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنَّا، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّم تَغفِرْ لَنَا وَتَرحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ، رَبَّنَا اغفِرْ لَنَا وَتُبْ عَلَينَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الغَفُورُ، اللهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ، وَأَعِنَّا عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا، وَوَفِّقْنَا لِقِيَامِ لَيلَةِ القَدرِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا، اللهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقوَى، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عِبَادَ اللَّهِ: اُذكُرُوا اللَّهَ ذِكرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلًا، وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.